30‏/12‏/2007

مختصر نقاط الفرق الأساسية بين الكنيسة الأرثوذكسية والبابوية

بالرغم من بعض الفروقات غير الأساسية، لقد حفظ دائماً أساقفة روما القديمة الشركة مع أساقفة روما الجديدة والشرق لغاية 1009 – 1014، حين للمرة الأولى استولى الأساقفة الإفرنج على كرسي روما القديمة. لغاية العام 1009، كان بابوات روما وبطاركة القسطنطينية متحدين بصراع مشترك ضد الأمراء الإفرنج وأساقفتهم الذين كانوا في ذلك الوقت هرطوقيين.
لقد أدان الإفرنج في مجمع فرانكفورت عام 794 قرارات المجمع المسكوني السابع والإكرام التبجيلي للأيقونات المقدسة. وعلى المنوال نفسه، أدخل الإفرنج في العام 809 الفيليوكفيه (لاتينية معناها "والابن") إلى دستور الإيمان، أي عقيدة انبثاق الروح القدس من الآب ومن الابن. في ذلك الحين أدان البابا الأرثوذكسي هذه الإضافة. في مجمع القسطنطينية الذي ترأسّه فوتيوس الكبير وشارك فيه ممثلون للبابا الأرثوذكسي، أُدين كل مَن أدان مقررات المجمع المسكوني السابع مع كل مَن أضاف الفيليوكفيه إلى دستور الإيمان. مع ذلك، أضاف البابا الفرنجي سرجيوس الرابع عبارة "والابن" إلى دستور الإيمان في رسالة تنصيبه عام 1009. من بعده أدخل البابا بنديكتوس الثامن دستور الإيمان مع عبارة "والابن" إلى خِدَم العبادة الكنسية وعندها حُذِف البابا من ذبتيخا الكنيسة الأرثوذكسية.
الفرق الأساسي بين الكنيسة الأرثوذكسية والبابوية موجود في العقيدة المتعلّقة بطبيعة الله غير المخلوقة وقوته غير المخلوقة. ففيما يؤمن الأرثوذكس أن لله طبيعة غير مخلوقة وقوة غير مخلوقة وبأن الشركة بين الله والخليقة والناس هي من خلال قوته غير المخلوقة، يؤمن البابويون أن لله طبيعة غير مخلوقة تتماهى مع قوته غير المخلوقة (acrus purus) وبأن شركة الله مع الخليقة ومع الناس هي من خلال قواه المخلوقة، وحتى أنّهم يؤكّدون أن في الله قوى مخلوقة. وعليه فإن نعمة الله التي يتقدّس بها الإنسان هي نعمة مخلوقة. لكن على هذا الأساس، لا يمكن أن يتقدّس الإنسان.
ينشأ من هذه العقيدة الأساسية التعليم حول انبثاق الروح القدس من الآب ومن الابن، المطهر وأولية البابا وغيرها. وإلى جانب هذا الفرق الرئيسي بين الكنيسة الأرثوذكسية والبابوية، في موضوع طبيعة الله وقوته، هناك فروقات كبيرة أدّت إلى نشوء مواضيع الخلاف اللاهوتي، ومنها:
· الفيليوكفيه، أي أن الروح القدس ينبثق من الآب ومن الابن ما ينتج عنه الحط من رئاسة الآب، وتعريض المساواة بين أقانيم الثالوث للشبهة، فالابن ينقص في شخصه كونه مولوداً، إذ في حال كان هناك وحدة بين الآب والابن يكون الروح القدس خاضعاً وليس مساوياً في القوة والمجد للأقنومين الآخرين، ما ينتج عنه أن يكون "الأقنوم غير المسبِّب (steiro)".
· استعمال الخبز الفطير في القداس الإلهي ما يخالف الطريقة التي أتمّ بها السيد المسيح العشاء السري
· تقديس التقدمة التي لا تتمّ باستدعاء الروح القدس، بل بإعلان كلمات المسيح التأسيسية "خذوا كلوا... اشربوا منها كلكم..."
· النظرة إلى تقدمة المسيح على الصليب على أنها إرضاء للعدالة الإلهية، والتي تصوّر الله الآب كسيّد إقطاعي متغاضية عن القيامة
· النظرة إلى استحقاقات المسيح التي يوزعها البابا، إلى جانب النعمة الغزيرة التي للقديسين
· فصل أسرار المعمودية والميرون والمناولة الإلهية وعزلها عن بعضها البعض
· عقيدة وراثة المعصية من الخطيئة الجدية
· الابتداعات الليتورجية في كل الأسرار (المعمودية، الميرون، الكهنوت، الاعتراف، الزواج، ومسحة المرضى)
· ممارسة عدم مناولة الشعب من "دم" المسيح
· أولية البابا، التي بحسبها يكون البابا "أسقف الأساقفة" (episcopus episcoporum) ومصدر الكهنوت والسلطة الكنسية، وهو الرأس المعصوم والقائد الأوّل للكنيسة التي يحكمها بطريقة ملكية كممثل للمسيح على الأرض. بهذا المفهوم يرى البابا نفسه خليفة للرسول بطرس الذي أخضع له الرسل الباقون أنفسهم، بمن فيهم بولس
· غياب التكافل في ممارسة الخدَم
· عصمة البابا
· عقيدة الحبل بالعذراء بلا دنس وتطوّر العبادة المريمية (mariolatria) التي بحسبها تُرفَع العذراء الفائقة القداسة إلى إلهة ما يتحوّل إلى مفهوم يقود إلى رباعية مقدسة (بدل الثالوث)
· نظرة تشابه الأشياء (analogia entis) وتشابه الإيمان (analogia fidei) المتحكّمة بالغرب
· تقدُّم الكنيسة المستمر في اكتشاف الفجوات في الحقيقة المعلَنة
· عقيدة القدر المطلَق
· المفهوم المتعلّق بالمنهجية الواحدة لمعرفة الله والمخلوقات، وهي تقود إلى دمج اللاهوت بعلم المعرفة.
إلى هذا، يكمن الفرق العظيم بالممارسة، والذي يشير إلى نمط اللاهوت، في الفرق بين السكولاستيكية واللاهوت الهدوئي. في الغرب، تقدّمت السكولاستيكية كمسعى لإيجاد معنى كل أسرار الإيمان عن طريق المنطق (أنسلم كانتربري وتوما الأكويني). بالمقابل، سيطرت الهدوئية في الكنيسة الأرثوذكسية وهي تطهير القلب وإنارة الفكر (النوس) بهدف اكتساب معرفة الله. الحوار بين القديس غريغوريوس بالاماس وبرلعام السكولاستيكي والاتحاديين مميز في إظهار الفرق.
من نتائج كل ما سبق هو أن في البابوية انحدار من الإكليسيولوجيا الأرثوذكسية. في الكنيسة الأرثوذكسية يُعطى التألّه قيمة عظيمة. فالتألّه هو الشركة مع الله من خلال معاينة النور غير المخلوق، من ثمّ يجتمع معاينو النور الإلهي في مجمع مسكوني ويحددون بدقة الحقيقة الموحى بها بشروط مشوشة. بينما في البابوية تُعطى القيمة العظمى للمراسيم البابوية، فبالواقع، تقوم المجامع المسكونية على البابا بما يتناغم مع اللاهوت اللاتيني: "إن سلطة الكنيسة موجودة فقط عندما تؤسّس وتتناغم مع إرادة البابا. بينما تبطل في ظرف معاكس". فهكذا تكون المجامع المسكونية "مجامع مسيحية تُعقَد بموثوقية البابا وتحت سلطته وبرئاسته". فإذا ترك البابا قاعة الاجتماع يصبح المجمع المسكوني بلا قوة. كتب الأسقف ماير "لا يوجد كاثوليكي أكثر دقة من ذاك الذي يعلن ‘أؤمن ببابا واحد‘ إلاّ ذاك الذي يقول ‘أؤمن أيضاً بكنيسة واحدة‘".
إلى هذا، "إن قيمة الأساقفة ودورهم في الكنيسة الرومانية ليس أكثر من مجرد تشخيص للسلطة البابوية "التي يخضع لها الأساقفة أنفسهم كمثل أي مؤمن بسيط". باتجاه هذه الإكليسيولوجية البابوية يُشدَّد بشكل جوهري على أن "السلطة الرسولية بقيت عند الرسل ولم تمرّر إلى خلفائهم الأساقفة. وحدها سلطة بطرس البابوية التي يقع الجميع تحتها مرّت إلى خلفاء بطرس أي البابوات". في موازاة ما سبق، تتمسّك "الكنيسة" البابوية بأن كل كنائس الشرق انفصالية ومعطوبة. إنّها تتقبلنا ككنائس شقيقة فقط بالتدبير لأنها ترى نفسها الكنيسة الأم بينما ترانا بناتها.
الفاتيكان هو سلطة أرضية وكل بابا هو مدبر لقوة الفاتيكان. إنها مسألة تنظيم بشري المركز، عالمي لا بل بالواقع تنظيم قانوني دنيوي. إن قوة الفاتيكان الأرضية تأسست في العام 775 علي يد بابين القصير (Pepin) والد شارلمان، وحتى في زمننا اعترف بها موسوليني في العام 1929. إن مصدر إعلان السلطة الأرضية للبابوية مهم كما أعلن البابا بيوس السادس "إن مَن يتجنّد للفائدة الإلهية على الأرض لا يستطيع أن يخضع لسلطة أرضية". المسيح كان مطيعاً للسلطة الأرضية، أمّا البابا فلا يمكنه ذلك! تؤسّس السلطة البابوية لثيوقراطية لأن الثيوقراطية محددة بأنها تصنّف كلا السلطتين الأرضية والكنسية في مبدأ واحد. اليوم يمكننا أن نجد سطات ثيوقراطية في الفاتيكان وفي إيران.
البابا إينوسنت الرابع (1198-1216) ثبّت الطبيعة المميّزة لهذه الأمور في خطاب تتويجه "مَن عنده العروس هو العريس. ولكن العروس (الكنيسة) لم تقترن بيدين فارغتين، بل هي تجلب معها مهراً غالياً بشكل لا يقارَن، كامل الأمور الروحية وامتدادات الأشياء الأرضية، فيض وسخاء كليهما... إن مساهمتكم في الأمور الأرضية أعطتني الإكليل المرصّع، تاج الأسقفية، تاج المملكة وجعلتني ممثله، في الثوب وعلى الركبة المكتوب عليها: ملك الملوك ورب الأرباب".

إذاً، يوجد فروقات لاهوتية عظيمة أدانها مجمع فوتيوس الكبير ومجمع غريغوريوس بالاماس، عل ما يظهر في سينوذيكون الأرثوذكسية. إلى هذا فإن آباء الكنيسة لغاية القرن التاسع عشر أدانوا كل خداع البابوية. فالأمر لا يلطفه أو يحسّنه اعتذار شكلي ما يقدمه البابا عن خطأ تاريخي، بينما تبقى نظراته اللاهوتية خارج الوحي وتتحوّل الإكليسيولوجيا إلى سلوك محصور ومحدّد لأن البابا يقدّم نفسه ككقائد العالم المسيحي وخليفة الرسول بطرس والنائب الممثل للمسيح على الأرض، وكأن بالمسيح قد يعطي سلطته للبابا ويكفّ عن الحكم بالبركة في السماوات.

الميتروبوليت إيروثيوس فلاخوس
نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي

اثبات الكاثوليك عقيدة الحبل بلا دنس


عقيدة الحبل بلا دنس هي الأولى من حيث الأهمية وذلك لما يدور حولها من جدال وحوار مع الطوائف الأخرى حيث أنها من أول العقائد التى أعلنت من عقائد مريم لأنها حسب الترتيب التاريخي تكون عقيدة الحبل بلا دنس الثالثة، وقد أعلنت في 8 ديسمبر 1854 وحددها البابا بيوس التاسع الذي كان يرأس كرسي روما من سنة 1864 - 1878، وقد أعلنها البابا على أنها عقيدة موحاة فلذلك على كل مؤمن داخل الكنيسة الكاثوليكية أن يؤمن بهذه العقيدة، ولهذا فمن المهم معرفة نص العقيدة التي تدعونا الكنيسة للإيمان بها.
نص العقيدة
"إن الطوباوية مريم العذراء حفظت معصومة من كل دنس الخطيئة الأصلية منذ اللحظة الأولى من الحبل بها، وذلك بامتياز ونعمة خاصة من الله القدير بالنظر إلى استحقاقات يسوع المسيح فادي الجنس البشري"
شرح نص العقيدة
الهدف من نص العقيدة هو تبرئة العذراء من أي علاقة بالخطيئة ؛أي أنها طاهرة تماماً ليس لها خطية أصلية أو شخصية منذ اللحظة الأولى التي حبل بها وحتى وجودها كإنسان، نظراً للمكانة التي ستحتلها مريم بأن تكون أماً لله تعالى.

شرح بعض النقاط أو الألفاظ لإزالة الغموض في العقيدة :
ولكي ندخل في جو العقيدة لابد لنا من شرح بعض التعبيرات التي قد تثير تساؤلات واستفسارات من البعض :
1- الخطيئة الأصلية : الخطيئة الأصلية كفعل تم في اللحظة التي حدث فيها سقوط آدم في الخطيئة، ونجد القديس بولس يشرح معني الخطيئة الأصلية في ( رسالة رومية الإصحاح 12:5 ) فخطية التكوين هي إذا كان آدم هو الإنسان وكل الإنسان، فخطيئته أيضاً هي خطيئة كل إنسان، هي خطيئة العالم، وفي هذا المعنى، كل خطيئة من خطايانا تدخل في خطيئة آدم هذه وتضخمها وتزيدها كثافة.

وأما عن القديس بولس، والذي يركز أكثر على فكرة الخلاص :
" ليس التركيز على الخطيئة الأصلية إلا نتيجة لحقيقة أكثر أهمية بكثير وهي "أننا جميعاً مخلصون بيسوع المسيح " ويواصل قوله ويضيف : " أننا جميعاً مخلصون، لأننا جميعاً كنا في حاجة إلى أن نكون مخلصين" فيحاول أن يثبت ذلك، أولاً بطريقة إحصائية مبيناً أن اليهود والوثنيين هم خاطئين راجع ( رو 3:1 ) ثم يستأنف إقامة الدليل بطريقة رمزية قائلا: " بما أن آدم يمثلنا جميعاً وأنه أخطئ، فنحن جميعاً به خاطئين ولكن ذلك مجرد استنتاج. لأن الجوهر هو أننا مخلصون بيسوع المسيح ."

" حيث كثرت الخطيئة فاضت النعمة" هذه هى نظرة بولس الرسول التي تظهر معنى أو مفهوم الخطيئة الأصلية وفي الآن نفسه تركز على الخلاص أكثر، وذلك لإظهار قيمة عمل الخلاص الذي قام به مخلص البشرية يسوع المسيح من ناحية ومن ناحية أخرى لإظهار ولكن بطريقة غير مباشرة احتياج الجميع إلى الخلاص - سواء يهودي أو وثني- وبالطبع وبما أن العذراء هي إنسان فهي أيضاً محتاجة للخلاص ولكن بأي طريقة هذا ما سنراه في هذا البحث البسيط ، فالخطيئة الأصلية ليست فقط بالوراثة، تتناقل من جيل إلى جيل عن طريق فعل الزواج ولكن هي خطيئة طبيعية، أي فى طبيعة الإنسان، والتي كان يمثلها آدم.
2- معنى عبارة الحبل بلا دنس : كل حبل ضمن زواج شرعي هو حبل بلا دنس، ويعتبر الحبل بدنس عندما يكون حبلاً غير شرعياً أي ناتج عن زنا، والحبل الناتج عن سر الزواج هو عمل مقدس لأن الإنسان بواسطة فعل الزواج يشارك الله في الخلقة، هذا الرأي يقال ضد الذين يحاولون تدنيس فعل الزواج من ناحية ومن ناحية أخرى كمعنى لعبارة الحبل بلا دنس في المفهوم العام. والبعض يجهل المعنى الحقيقي للحبل بلا دنس مما يطلق عليهم المثل القائل "إن أشد أعداء الحقيقة هو من يجهلها" فإذ يقولون أن الكنيسة الكاثوليكية تدعى أن العذراء حبلت بها أمها القديسة حنة بلا زرع بشر أي مثل ما حبلت العذراء نفسها بشخص المسيح المبارك عن طريق الروح القدس وبالتالي هي لا تحتاج إلى فداء المسيح ولا يفديها دمه المسفوك؛ أي أنها لا تحتاج إليه، ولكن في حقيقة الأمر أن العذراء مريم حبل بها كسائر البشر أي من رجل وامرأة، وهذا خلاف ما ذكره إنجيلاً منحولاً أي ليس موحياً به عرف باسم " إنجيل يعقوب" الذي ظهر في القرن الثاني ومنه شاع هذا القول الخاطئ بين الكثيرين من الذين يقولون ما سبق . كذلك حصلت العذراء مريم على امتياز الحبل بلا دنس عن طريق استحقاقات سيدنا يسوع المسيح فهو فداها، ونعمة العذراء لم تكن لها نعمة تبرير، لأنها لم تسقط في الخطيئة الأصلية أو الفعلية، فهذه نعمة مسبقة جعلت العذراء مريم تدخل هذا العالم من دون دنس الخطيئة الأصلية وفي حالة النعمة ولنا ملخص على ذلك في السطور التالية :

" العصمة من الخطيئة الأصلية كانت لمريم هبة من الله وتدبيراً استثنائياً لم يعط إلا لها، ومن هنا تظهر العلة الفاعلة للحبل بمريم البريء، فهي من الله القدير، وتظهر أيضاً العلة الاستحقاقية بيسوع المسيح الفادى، و النتيجة هى أن مريم كانت بحاجة إلى الفداء وقد افتديت فعلاً، فهي كانت نتيجة لأصلها الطبيعي، لضرورة الخطيئة الأصلية، مثل أبناء آدم جميعاً إلا أنها بتدخل خاص من الله قد وقيت من دنس الخطيئة الأصلية، وهكذا افتديت بنعمة المسيح لكن بصورة أكمل من سائر البشر وكانت العلة الغائية القريبة للحبل بمريم البريء من الدنس هي أمومتها الإلهية".

ورغم أن العذراء كانت معصومة من الخطيئة الأصلية إلا أنها لم تعصم من ملحقات الخطيئة، أي الألم والعذاب، والعذراء، هي "حواء الجديدة" التى ساهمت مع "آدم الجديد" - المسيح- في ولادة البشرية إلى حياة جديدة أساسها الفداء على الصليب. 3- معنى عبارة اللحظة الأولى : إن كلية الطوباوية مريم العذراء من اللحظة الأولى من الحبل بها، أي من اللحظة التي خلق فيها الله النفس ونفخها في المادة الجسدية التي أعدها الأبوان وهي معصومة من الخطيئة الأصلية، وتظهر أهمية اللحظة الأولى في العقيدة لأن العقيدة تقول وتحدد أن شخص مريم العذراء الناتج عن اتحاد النفس والجسد هو المعصوم لأن التحديد ليس للجسد فقط ولا للنفس فقط بل لشخص مريم الشامل.

"لم يوجد كائن في السماء أو على الأرض أو تحت الأرض تبادل العطية مع خالقه سوى مريم فقط لأن الرب الإله خلقها وأعطاها نعمة الوجود وجعل فيها روحاً خالدة على صورته ومثاله ومريم أعطته جسداً من جسدها الطاهر. والكنيسة المقدسة تقول في الإيصلمودية: "أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له". وكونه أخذ الذي لنا فهذا عن طريق هذه القديسة الطاهرة مريم التي ولدت الله الكلمة بالحقيقة. لقد أعطي الرب الإله مريم شخصية متكاملة الفضائل. وقد رأي فيها هذه الفضائل قبل أن يخلقها بمقتضي علمه السابق وخرجت من بين يديه الطاهرتين في قمة الكمال نفساً وجسماً وروحاً. ولكن الرب الإله المهندس الأعظم الذي يخلق الأشياء في أسمى صورة. خلق له مسكناً نظيفاً طاهراً وجهزه بكل ما يلزم لاستقبال الرب الخالق بحيث أن هذا المسكن الذي صنعه هذا المهندس الأعظم لم يكن فيه نقص وقد صنعه الله الخالق العظيم، والذي يدعوه الكتاب قائلاً: " ما أعجب أعمالك يارب كلها بحكمة صنعت" أما المسكن العظيم الذي صنعه الرب لسكناه فهو مريم العذراء التي صارت أطهر من السماء وأقدس من الهيكل لاحتوائها في بطنها الطاهر. من لم تحوه السماء والأرض"
خلاصة مضمون العقيدة وتحديدها :
إن العذراء حفظت معصومة من كل دنس الخطيئة الأصلية، وإن الخطيئة هي الخلو من النعمة المبررة التي سببته خطية آدم الأصلية، إذن العذراء دخلت إلى العالم في حالة برارة أي في حالة النعمة، وهكذا كان تدبيراً استثنائياً من قبل الله خاص بمريم، والعلة الفاعلة لذلك هو الله الذي بررها واستثناها من شمول الخطيئة الأصلية على الجنس البشري كله، فهو القادر على كل شيء، وهي التي كانت أمه " أم مخلص الجميع " فالله برر العذراء بتطبيق استحقاقات يسوع المسيح "بأثر رجعي" . إذن مريم كانت محتاجة إلى الفداء وافتديت ولكن بطريقة سامية "فقد فداها المسيح إذن ولكن بطريقة الوقاية، المناعة" وهذه البراءة بعد الخلقة، فمريم كانت حرة تماماً، فالنعمة التي يعطيها الله لا تسلب الإنسان حريته، فالإنسان حر رغم كل برارة ونعمة.

"هذه عطية الرب لأمه. إذ جعلها أجمل هدية وأغلى عطية يقدمها الرب الإله للعالم الهالك الذي قرر أن يخلصه بتجسده من هذه القديسة. أما عطية مريم لخالقها فهو الجسد المقدس الذي كونه الروح القدس في أحشائها الطاهرة. وإذا قلنا أن جسد المسيح له المجد أعطته له أمه الطاهرة مريم. فهذا يعنى القول من مالك وأعطيناك.
فبالطبع كل شيء عند الإنسان هو من الله ولكن الله في سماحته ومحبته خص الإنسان بما أعطاه أن يكون له ويملكه حسب القول: "أعطوني العشور وجربوني" زكالقول: "يا ابني أعطيني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي". من هذا المنطق نقول أن مريم تبادلت العطية مع خالقه وأبنها فهو أعطاها نفسها وحياتها وكلها وهي أعطته جسده المقدس من جسدها الطاهر. وهذه العطية التي أعطتها مريم الأم ليسوع المسيح ربنا الإبن لها دور فعال في الخلاص. لأنه بدونها -العطية- أي الجسد الطاهر الذي أخذه يسوع المسيح ربنا من أمه الطاهرة. ما كان يمكن أن يكون الخلاص لآبناء آدم. لأنه بالجسد المقدس الذي أخذه المسيح ربنا من مريم العذراء متحداً باللاهوت. فعل الآيات والمعجزات. فقد أقام الموتي وفتح أعين العميان وأخرج الشياطين. وعزى الحزانى وشفي المرضى. وحبر القلوب الكسيرة. وقبل الخطاة وغفر لهم خطاياهم وأعطي تلاميذه ورسله المكرمين سلطان حل الخطايا وربطها وغفرانها ومَسكِها وسلم الكنيسة ممثلة في الرسل الأطهار جسده ودمه الأقدسين"
إثبات العقيدة من الكتاب المقدس
فى عقيدة الحبل بلا دنس الخطيئة الأصلية لم تذكر صراحة في الكتاب المقدس ولكنه لم يصمت عن الإشارة والتلميح إليها، وهناك بعض الآيات التي يفسرها علماء الكتاب واللاهوت على أنها تدعم هذه القضية منها:
الأية الأولى : "أجعل عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها فهو يسحق رأسك وأنت ترصدين عقبه" (تك 15:3)
وهذا النص بمعناه الحرفي يظهر أن بين الشيطان وأتباعه من جهة، وحواء والجنس البشري المنحدر منها من جهة أخرى ستكون عداوة وحرب أدبية وصراع، وستنتصر ذرية حواء على الشيطان وبين ذرية حواء هذه يوجد المسيح الذي سيجعل البشرية تنتصر بقدرته على الشيطان وقد رأى بعض المفسرين في ذرية حواء فرداً، هو المسيح المخلص، فتوصلوا إلى أن يروا أيضاً في المرأة، مريم أم المخلص. إنه تفسير مريمي- مسيحي يمثله منذ القرن الثاني بعض الآباء مثل القديس إيرناوس وأبيفانيوس وإيسيذوروس وقبريانوس ولاون الكبير فهؤلاء يرون أن مريم وابنها في حالة عداوة كلية مع الشيطان، بل يرونها منتصرة عليه وعلى أتباعه، وعن هذا قيل في أواخر عصر الفلسفة المدرسية وفي علم اللاهوت الحديث بأن انتصار مريم على الشيطان ما كان ليتم كاملاً لو أن مريم كانت يوماً ما تحت سلطانه، وبالتالي كان عليها أن تدخل إلى هذا العالم بدون الخطيئة الأصلية.

والآية الثانية: "السلام عليك يا ممتلئة نعمة ، الرب معك" (لو 28:1)
المسيحيون الأوائل كانوا يطلقون على مريم لقب بمثابة أسم علم وهي " آجيا تي بارثينوس " أي " العذراء القديسة " وهي ليست اختراع ،هي من صلب الوحي الإلهي، وممتلئة نعمة هي بمثابة أسم مريم الخاص وبالتالي يعبر عن صفتها المميزة، والمقصود من عبارة "ممتلئة نعمة" هو أن النعمة تجعل الشخص مرضي تماماً أمام الله وهو أقرب إلى الله من الآخرين، وعلى هذا الأساس نؤكد شفاعة السيدة العذراء، فالٳمتلاء بالنعمة يخالف تماماً حالة الخطيئة .

في بعض الترجمات نجد "المنعم عليها" وهذا اللفظ يجعلنا نتساءل عن زمن بداية هذا الإنعام وعن هذا الإمتلاء بالنعمة، فلابد أن يمتد ليشتمل على حياة العذراء كلها منذ اللحظة الأولى كما سبق وشرحنا. فنجد مثلاً فى زيارة مريم لإليصابات تقول اليصابات لها "مباركة أنت في النساء ومبارك ثمرة بطنك" هنا يظهر التساوي في البركتين وقولها مباركة أنت في النساء ويظهر كتفضيل خاص لمريم وإنعام خاص من الله لها فهي مباركة كما أن أبنها مبارك ويقول القديس بولس : "الذين سبق وعرفهم، سبق فحددهم أن يكونوا مشابهين لصورة أبنه الذين سبق فحددهم والذين عرفهم سبق فبررهم" 29:8-30.

إذاً العذراء في فكر الله منذ القدم وممتلئة نعمة منذ الحبل بها وليس فى ساعة ولادتها أوفي ساعة حبلها من الروح القدس بمخلص العالم ، يسوع المسيح .

وتقول الآية أو النبوة عن العذراء "أنت جميلة يا خليلتي ولا عيب فيك" إذا أردتم التوسع في شرح الآيتين السابقتين لغوياً أو لفظياً فهناك مرجع هو مجلة صديق الكاهن العدد الأول أبريل سنة 1983 السنة 23، ص 67-71 للأب لويس نصري
كالسوسنة بين الأشواك كذلك خليلتي بين البنات ( نش 2: 2 )
كلك جميلة يا خليلتي ولا عيب فيك ( نش 4: 7 )
أني خرجت من فم العلي بكراً قبل كل خليقه (أبن سيراخ 5:2 )
أختي العروس مقفلة ينبوع مقفل وعين مختومة ( نش 12:4)
العقيدة في التقليد
يقول القديس أفرام "أنكما أنت وأمك وحدكما جميلان كل الجمال من كل وجه إذ ليس فيك يا سيدي عيب، ولا في أمك دنس" ويقول القديس أغسطينوس الذي يقول بأن على البشر أن يعرفوا أنفسهم خطأه . باستثناء العذراء مريم، التي هي أبعد من أن يدور الكلام عليها في موضوع الخطيئة، بسبب قدر المسيح.

فكرة التشابه والتفارق بين مريم وحواء، فمريم هي من جهة، صورة لحواء بطهارتها وكمالها قبل الخطيئة الأصلية، وهي من جهة أخرى، على طرفي نقيض مع حواء من حيث أن حواء هي سبب الخراب ومريم هي سبب الخلاص. ويقول القديس أفرا م "مرأتان بريئتان بسيطتان كل البساطة، مريم وحواء، كانتا في كل شيء متساويتان غير أنه، فيما بعد صارت الواحدة سبب موتنا والأخرى سبب حياتنا" والقديس يوستينوس في حواره مع تريفون قال: " الاثنان كان لهما حوار مع الملاك حينما كانت عذراوين بعيدتين أو بريئتين من الفساد، حواء تعصي الله وتسقط أما "مريم" على العكس تتواضع "كأمة للرب" وتنتصر.
آراء بعض اللاهوتيين في العقيدة
نري أن بعض اللاهوتين مثل يونا فنتورا أو بطرس لمياروس وبرناردوس تحدثوا بخضوع مريم للخطيئة الأصلية ولكنها مريم خلصت منها فى الحال وهي في بطن أمها، فولدت بلا دنس من أى خطيئة .

وكان معهم القديس توما الأكويني يشاركهم الرأي والسبب هوأنهم لم يكونوا قد توصلوا بعد لحل للتوفيق بين عصمة مريم من الخطيئة وشمول هذه الخطيئة ، وظلت هذه الفكرة سائدة إلى أن جاء يوحنا دون سكوت أن من سنة 1120 – 1308 وكان علامة وكان يفكر في حل المشكلة السابق طرحها ، فكان منطقه كالآتي وكان منطقه في ثلاث إمكانيات :
أ - كرامة العذراء مريم
- الله قادر ألا تكون قد سقطت في الخطيئة أبداً.
- الله قادر أن تكون قد سقطت في الخطيئة لحظة.
- الله قادر أن تكون قد سقطت في الخطيئة زماناً.
أما ماذا حدث من هذه الإمكانيات الثلاث فالله وحده يعلمه. وإن لم يتعارض مع الكنيسة والكتاب من المحتمل أن الشيء الأكرم يُنسب إلى مريم وهو الرأي الأول بالطبع.

ب - الخلاص المسبق (الوقاية) لرفض الفكرة القائلة بأن مريم العذراء بدون خطيئة أصلية
فهي إذاً ليست محتاجة للخلاص، فيجاوب يوحنا دون سكوت : " كلا إن مريم قد خلصت بالفعل، فالمسيح هو مخلصها ووسيطها، ولكن بطريقة فريدة جداً، وذلك يعود بكرامة أكبر، سواء للمخلص سواء لمريم العذراء وهي طريقة الوقاية من السقوط وليس بالطريقة العادية أي بالعماد. إذاً مريم كان لابد لها أن ترث الخطية الأصلية بما أنها أتت عن طريق طبيعي إن لم يكن يسوع قد وقاها من السقوط بطريقة أسمى وتفوق الطريقة العادية.

مجمع بال سنة 1429 قرر هذه العقيدة وثبتها وفي سنة 1567 حرم البابا بيوس الخامس عبارة بايوس القائلة ما من أحد غير المسيح متنزه، عن الخطيئة الأصلية، وأن موت العذراء وعذاباتها كانت عقاباً لها عن خطايا فعلية أو عن الخطيئة الأصلية. البرهان العقلي للعقيدة إن العقل يقبل هذه العقيدة بالنسبة إلى مكانة مريم العذراء كأم الفادي المتحدة معه والذي سبق فحددها الله الآب أماً لابنه يسوع المسيح وفى هذا قد كتب راهب إيطالي ٳسمه إدمر EADMER من القرن الثاني عشر والذي يوجز بقلمه العقلي ثلاث كلمات هم:
" قدر، لائق، إذن فعل "
- الله يقدر أن يعفي أو يقي مريم العذراء من دنس الخطيئة الأصلية وكان من اللائق بمكانة مريم كأم الفادي أن تكون كذلك، إذن الله فعل ذلك. اعتراض المعترضين الاعتراض الأول : القمص سيداروس عبد المسيح يعترض في كتاب " مريم في التاريخ والطقس والعقيدة" قائلاً:
"على ضوء تخيلات برنادت الواسعة، أعلنت الكنيسة عقيدة الحبل بلا دنس وجعلت منها عقيدة إيمانية".
وهنا نقول للقمص أن الحقيقة أن الظهورات في لورد لبرنادت كانت بعد إعلان العقيدة ب 4 سنوات، فالعقيدة أعلنت سنة 1854م والظهور تم سنة 1858وهذا الظهور في حقيقته يؤيد عقيدة الحبل بلا دنس إذ أن العذراء قالت لبرنادت عندما سألها عن أسمها أنها " التي حبل بها بلا دنس".

الاعتراض الثاني يقول :
مريم نفسها قالت " تبتهج روحي بالله مخلصي " وذكروا تأييد الآية اعتراضهم القائل الكنيسة تؤمن بأن الروح القدس قد قدس مستودع العذراء في البشارة بالمسيح، الروح القدس قدس مستودع العذراء فجعل المولود منها يولد بدون الخطيئة الأصلية واحتاجت كبشر عادي لدم المسيح ( من مجلة الكرازة )
ونحن نقول رداً على هذا الاعتراض :
مريم بالفعل قد حصلت على الخلاص ولكن بطريقة سامية بطريقة وقائية أي لم تكن خاطئة مطلقاً ( سواء بالخطيئة الأصلية أو بخطية فعلية ) أما من ناحية الآية التي ذكرناها في البداية فتقول بأن هذه الآية لا تعني الحاضر والمستقبل وإنما هى دليل على فرح البتول فخلاصها الذى تم و التى هى ذاكرة اياه فى كل حين حيث يفيد وضع فعل تبتهج فى الزمن المضارع لأنه يؤكد شكرها و فرحها الدائم وامتنانها لٳنها الذى خلصها ولكن شكرها ليس لحظى وإنما دائم لما هو قد تم بالفعل بمعنى أن العذراء شاكرة كل حين على ما تم من فداء .

يقول ميخائيل شحاته أن الفداء تم لكل الناس في كتابة مريم العذراء، ويقول أن الباباويون يعتقدون أن العذراء حبل بها بدون خطيئة بينما العذراء نفسها بتحريك من روح الله تقول:
تبتهج روحي بالله مخلصي فمن نصدق من الاثنين الروح القدس أم البابا.
- إذا كانت مريم بريئةً من الخطيئة، فلماذا تقدَّمت للتطهير في الهيكل: مسألة الطهارة خارجية جسدية ارتبطت بتقديم المولود للهيكل (لا علاقة لها بالخطيئة، وخصوصاً الخطيئة الأصلية التي لم تكن معروفة في العهد القديم).
- إذا بُررَّت منذ اللحظة الأولي للحبل بها فقد بُررَّت من دون إرادتها، وهذا لا يجوز: الهدية لا تشترط الموافقة المسبقة، على عكس الالتزام بمشروع (البشارة من أجل التجسد) فهو يشترط الموافقة.
- ما الضرر في أن تكون العذراء قد بررِّت اعتباراً من لحظة البشارة؟: لن تنطبق عليها الآيات التي تتضمن العداوة الكاملة مع الشيطان، ولا الامتلاء بالنعمة. فعلى سبيل المثال، نجد أن أرميا ويوحنا المعمدان قد نالا نوعاً من التقديس قبل ولادتهما: فهل تكون والدة الإله أقل حظوة عند الله منهما؟ هل نقبل أن أرميا يقال له: "قبلما صورَّتك في البطن عرفتُك وقبلما خرجت من الرحم قدستك" (ارميا 5:1) [ والقداسة هنا تعنى بلا عيب ومن دون الخطيئة الأصلية] ولا نقبله على العذراء؟
هل نقبل تطهير يوحنا المعمدان عندما "ارتكض الجنين بابتهاج في بطني" (لو 44:1) حينما سمع سلام مريم ولا نقبل أن تحمل العذراء بلا خطيئة من اللحظة الأولى؟ ألا نقبل هذا على أم المخلص والفادى المسيح الهنا الصالح؟
- هذا التبرير يبدو مخالفاً لقواعد شاملة مثل شمولية الخطيئة "ضَلُّوا جميعاً ففسدوا معاً. ما مِن أَحد يعمل الصًّالحات لا أحد" (رو 12:3)، ألم يقل "وكما أنه كتب على الناس أن يموتوا مرة واحدة، وبعد ذاك يوم الدينونة" (عب 27:9)؟ لتفنيد هذا الاعتراض، يتوجب علينا، ذكر بعض الاستثناءات الكتابية، والتي تتضمن في ذاتها إتمام مخطط الله الخلاصيّ.
استثناءات متعلقة بعدد مرات الموت:
- كم مرة مات ابن أرملة صرفت صيدا؟ (1مل 17: 17-24).
- كم مرة مات لعازر؟ (يو 34:11-44).
- كم مرة ماتت ابنة يايروس؟ (مت 18:9-27).
- كم مرة مات ابن أرملة نائين؟ (لو 11:7-17).
- كم مرة ماتت طابيثة؟ (اع 36:9-42).
- كم مرة مات افطيخس؟ (اع 7:20-12).
استثناءات متعلقة بعدم الموت:
- اخنوخ سابع آدم لم يمت (تك 24:5).
- إيليا النبي لم يمت (2مل 1:2و11).
استثناءات متعلقة باستباق الزمن:
- ألم يهب الله روحه القدوس ليوحنا المعمدان وهو في بطن أمه (لو 14:1)؟.
- ألم يقدس أرميا وهو في بطن أمه: "قبل أن أُصورك في البطن عرفتك وقبل أن تخرج من الرحم قدستك وجعلتك نبياً للأمم" (ار 5:1)؟.
- ألم يقل يسوع عن خلاص إبراهيم (قبل حدث الخلاص بحوالي 1800 سنة "إبتهج أبوكم إبراهيم راجياً أن يري يومي ورآه ففرح" (يو 56:8)؟ .
- ألم يقل بطرس أن داود الملك رأي قيامة المسيح: "إن أبانا داود مات ودفن، وقبره عندنا إلى هذا اليوم. على أنه كان نبياً وعالماً بأن الله أقسم له يميناً ليقيمن ثمراً من صلبه على عرشه، فرأي من قبل قيامة المسيح وتكلم عليها" (أع 29:2-30)؟ .
- ألم يقل سمعان الشيخ حين حمل الطفل يسوع وعمره 40 يوم فقط: "فقد رَأت عيناي خلاصك الذي أعددته في سبيل الشعوب كلها" (لو 30:2-31)؟ .
- ألم يمنح الله الروح القدس قبل المعمودية في بعض الأحيان (أع 44:10-48) ليقضي على تردد الرسل؟
الله قادر على كل شيء، فهو الذي يضع القاعدة كما أنّه له الحق في وضع الاستثناءات حسب مشيئتة المقدسة. وهنا نتساءل هل تبرئة مريم من الخطيئة الأصلية يتناقض فعلاً مع قدرته اللامحدودة ومع إرادته في تقديس البشر، وكل البشر؟ بهذه العقيدة لا تحتاج مريم للفداء إذ أن التبرير قد تم باستحقاقات الفادي فقط لا غير.
خلاصة الاعتراضات ( وخاصة في الكنيسة الأرثوذكسية ) وذلك من خلال ثلاثة بنود:
1 - شمولية الخطيئة، ووجوب وراثتها لكل البشر العاديين .
2 - كل إنسان مولود عن طريق طبيعي ( أى نتاج تزاوج رجل و أمرأة ) يجب أن يحصل على الخلاص، لأنه يكون حاملاً للخطية الأصلية .
3 - قول مريم تبتهج روحي بالله مخلصي.
آراء اللاهوتيين الأرثوذكس في العقيدة لنرى مثلاً :
ثيؤذوسيوس بطريرك الأسكندرية (من سنة 565 إلى سنة 600) يذكر القرار الصادر من الله بعد خطية آدم ويقول : "إن نوعية وفاة مريم يشبه موت المسيح، وهو لم يريد أن تموت العذراء ولكن قال لا يشك أحد في الجسد الذي أخذته منك يقول على لسان المسيح" يا والدتي الجميلة حينما عصى آدم أمري أنزلت عليه قرار بالموت، أنا نفسي وإن كنت حياة كل بشر ذقت الموت في جسدي الذي أخذته منك الآتي عن جسد آدم جدك لكن حيث أن لاهوتي كان متحداً به لذلك أقمته من الموت، وكنت أود أن لا تذوقي الموت لأرفعك إلى السماء مثل أخنوخ وإيليا ولكن إذا حدث ذلك فيك فإن الناس الأشرار قد يصل لهم التفكير أنك قوة ما نزلت من السماء وأنك أعطيت تدبيراً ظاهراً فقط، فالمسيح وإن كان مات لأجل خلاص البشرية فهو لم يمت لأنه تأثر بالخطيئة الأصلية، والعذراء لم تمت أيضاً لأنها كانت متأثرة بالخطيئة الأصلية بل لكي لا يشك البشر في تجسد المسيح وحقيقته"

برديه في القرن السادس. موجودة في سان سبور بألمانيا يوجد نص مكتوب فيه :
"السلام عليك يا ممتلئة نعمة الرب معك أنت قد أخترت كإناء غاية الطهارة كأم الله مثل إناء ثمين على الدوام".
الأنبا ساويرس أبن المقفع ( القرن العاشر )، عنده عبارات كثيرة تشيد بكرامة مريم إلا أنه لم يتكلم على أنها لم تولد بالخطيئة الأصلية.
"كان تجسد المسيح من أطهر بني آدم جسماً وأكرمهم حباً وأشرفهم نسباً، فمريم البتول التي اصطفاها وانتخبها ونظفها من الأوساخ الدينونية، ولم يخطر على قلبها ارتكاب معصية ولا اقتراف خطيئة، ثم طهرها بحلول الروح القدس وخلق منها جسماً أتحد به المسيح واحتجب فيها "
فهو يقول لم يتسرب إلى فكرها أي فكر آثيم، فهي ابنة آدم ومع ذلك فهي ممتلئة نعمة وهي التي اصطفاها الله وانتخبها، ( ولم يذكر فترة أو زمن اختيارها ) ثم طهرها بحلول روحه القدوس عليها وهذه العبارة لا تفيد حلول الروح القدس وبدأ التقديس بل ازدياد في هذه النعمة والقداسة، لأن مريم كانت قديسة وممتلئة نعمة حسب كلامه في أول العبارة. عقيدة الحبل الأطهر كما وردت في القرآن يقول القرآن :
"وأني (المتكلم هو حنه ) أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم" آل عمران 36.
وفي حديث شريف للنبي نقله البيضاوي "ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخاً من مسه إلا مريم وأبنها "
ويقول في صحيح البخاري وصحيح مسلم" ما من مولود يولد إلا ويطعنه الشيطان في جنبه فيستهل صارخاً من الشيطان إلا مريم وابنها فذهب الشيطان ليطعن فطعن في الحجاب، فلم تنفذ إليها الطعنة".
ويقول القرآن أيضاً يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك على نساء العالمين آل عمران : 42.

ومعنى التطهر هنا تقريباً عند الجميع أن الله آتي مريم أن تكون طاهرة من جميع الأدناس ( حقيقة أم مجاز ) ومن كل وصمة للنفس والجسد وهكذا كانت مريم على أتم استعداد ليتدفق الروح القدس فيها. هذا يوضح لنا الرأي السائد عن العذراء في القرن السابع لأن الإسلام متأثر بالمسيحية في عصره. الخلاصة الحبل بلا دنس عقيدة إيمان يجب على كل مؤمن أن يؤمن وأن يسلم بها خاصة الذين هم داخل الكنيسة الكاثوليكية، وعقيدة الحبل بلا دنس مرتبطة ارتباط وثيق بسر الخلاص الذي هو بمثابة خلق جديد، لأنه فعل به جدد الله العالم بعد عبور سد الخطيئة وأن الحبل بلا دنس هو الخطوة الأولى في هذا الخلق الجديد وفي نهاية الأمر تقول مع كاتب سفر نشيد الأنشاد أنت جميلة يا خليلتي ولا عيب فيك هذا القول الذي ينطبق على العذراء القديسة الخالية من الخطيئة أيا كان نوع هذه الخطيئة ولأنها ممتلئة نعمة.
عصمة العذراء مريم في التقليد الشرقي
1 - أسماء العصمة، عصمة العذراء مريم :
الحبل بلا دنس – الحبل الأطهر – العصمة من الخطيئة الأصلية، مريم دائمة القداسة – كلية القداسة، دائماً منعم عليها، دائمة في نعمة الله، مباركة على الدوام بل وحدها مباركة.
2 - أقوال الآباء القديسين الشرقيين :
القديس غريغوريوس النزينزي يقول :"إن العذراء مريم تطهرت نفساً وجسداً قبل أن تصير أماً لله" وكان يقصد هذا القديس أن العذراء طاهرة ليس عند ساعة بشارتها، ولكن منذ ساعة الحبل بها.
الراهب ثيوغنوسطس يقول : "يقولون إن الله تدخل بفعل مباشر لتقديس حبل حنة بوالدة الإله" بعض أقوال الآباء قبل مجمع نقيه، يقولون "إن الرب بغير فساد من حيث هو إنسان لأنه من حيث هو إنسان لأنه من شجرة غير فاسدة أي من العذراء والروح القدس: وأن المسيح الطاهر قد اقتنصته عذراء طاهرة" "والطاهر يخرج بوجه طاهر من الأحشاء الطاهرة التي أوجدها هو نفسه طاهرة" "فهي وابنها حواء وآدم الجديدان اللذان يحملان نير الجنس البشري، إنهما الأولان وإن ظهرا متأخرين فيسوع أتم آدم ومريم أتمت حواء وكلاهما رأس البشرية الذي آتاها العودة إلى عدم فسادها الأول وعمل الخلاص واحد اشترك فيه الابن والأم معاً" "المسيح أخذ من التي هي من آدم ، من مريم صورة الخليقة الأولى أي صورة آدم قبل الخطيئة ومعلوم أن العذراء لا تستطيع أن تعطيه تلك الصورة ما لم تكن هي نفسها حاصلة عليها ".

من مجمع نقية حتى مجمع أفسس سنة 325 –431:
لقد تكلم البعض كتيموثاوس الأورشليمي وأفرام السرياني وايبفانيوس، مقابل جنيهم وبين حواء ويرى "إن مريم قد عصمت من الموت، والعصمة من الموت تقتضي حتماً العصمة مما يسبب الموت أي الخطيئة الأصلية" ويقول البعض أنها من كل وجه ممتلئة نعمة" ويقول البعض إنها "التابوت المقدس والمرأة التي سحقت رأس إبليس والطاهرة وحدها نفساً وجسداً والكاملة القداسة" وإذ يقابل بينها وبين حواء فيقول : "كلتاهما بريئتان وكلتاهما صُنعتا متشابهتين من كل وجه ولكن أحدهما صارت من بعد سبب موتنا والأخرى سبب حياتنا والبعض يقول " في الحقيقة أنت يا رب وأمك جميلان وحدكما من كل وجه وحيثية إذ ليس فيك يا رب ولا وصمة وليس في أمك لوثة ما البتة"
فبروكلس( أباء القرن الخامس ) بطريرك القسطنطينية يقول : "لم يكن ليوسف ليذكر أن مريم التي صنعت من تربة طاهرة كانت معدة لكي تصير هيكلاً لله".
ويقول في موضع آخر أإنها مقدسة العصمة من الخطيئة وهيكل الله الأقدس، والقديسة جسداً ونفساً والكرة السماوية للخليقة الجديدة التي تحمل شمس العدل المشع على الدوام" ويقول ثيودوتس أسقف أنقرة تشابيه :
بدلاً من حواء وسيطة الموت أقيمت عذراء ممتلئة نعمة لتعطينا الحياة – عذراء صنعت بطبيعة المرأة ولكن بدون خبث المرأة عذراء بريئة بدون وصمة كلية الطهر، كاملة، منزهة عن كل لوثة قديسة نفساً وجسداً نبتت كالزنبقة وسط الشوك، عذراء ملتفة بالنعمة الإلهية كرداء منعمة - النفس حكمة إلهية عروس الله بالقلب، وهي المغمورة بالنور، بل تلاشت كآبة حواء وبها حواء افتديت إذ من القديسة ولد أبن القدوس والكاملة ولدت الكامل، والتي تفوق الوصف ولد منها الذي يفوق الوصف والعلية ولد منها العلي.
ويقول كاهن أورشليمي أسمه هيذيكيوس :
"إن مريم أكمل جميع النساء ولؤلؤة العذارى والزينة السنية لطبيعتنا ومجد التوبة التي منها جبلنا، أنقذت حواء من خذيها وآدم من الوعيد الرازح تحته، سحقت شوكة الثعبان الجهنمي كما أن دخان الشهوة لم يبلغ إليها ودودة الأهواء لم تنفذ قط إليها"
ويقول في موضع آخر :" هي الفرع المنزه طبعاً عن كل شائبة وجدع يسى المخصوص على الدوام وبستان الأب وخميلة أطياب الروح بأجمعها والسفينة التي كان الله مهندسها وربانها وقائدها وعدوة الشيطان التي انتزعت منه ملكوته ودحرته في وهاد الدمار وهي أجمل النساء طهراً كما أن ابنها أجمل بني البشر".
ويقول:" وبما أن الإنسان الأول الذي أدخل الموت إلى العالم بالمعصية كان قد حبل من تربة منزهة عن كل لطخة كان لابد لأبن الله المتأنس أن يولد من عذراء بريئة من كل دنس ولطخة لكي يجدد الحياة الخالدة للبشر الذين خسروها بخطيئة آدم".

من القرن السادس إلى القرن التاسع
يقول صفرونيوس بطريرك أورشليم سنة 638م فيتغنى بالفادي الذي " ولج أحشاء مريم المتألقة طهراً ، المعصومة من كل لوثة في النفس والجسد والعقل، البريئة من دنس ولئن كان القديسون الذين ظهروا قبلها كثيرون فما من أحد فيهم كان ممتلئاً نعمة ولا أحد كامل القداسة قبلها ولا أحد تطهر من قبلها ". ويكمل قائلا : " يقوم هذا الامتياز بأن مريم تطهرت مقدماً وأبناء آدم الآخرين تطهروا عادياً والفرق بين تطهير هؤلاء وتلك أنهم هم تطهروا بعد الوصمة أما هي فقبل الوصمة".
ويرى صفرونيوس في بشارة الملاك : برهاناً على أن الروح القدس ينزل على العذراء ليجعلها أكثر طهراً أو يوليها نعمته الخصب .
ويقول القديس اندراوس الكريتي سنة 740م في أربع نقاط :
1 - الحبل بأم الله وميلادها مقدسان وإن جرى كلاهما بحسب الناموس الطبيعي.
2 - ومريم هي أبنة الله على وجه خاص فهيمن الله بوجه خاص على الحبل بها.
3 - وهي باكورة البشرية المجددة فزينها الله بالجمال الأول.
4 - وسبب وفاتها هو غير السبب الذي يحتم الموت على جميع الناس.

ومن أقوال البليغة : " أن حبل حنة مقدس وإن مريم هي ابنة الله لا لأنها ابنة الموعد وثمرة قدرة الله التي لا تخصب عقم الشيخوخة فحسب بل أيضاً وبخاصة لأنها الخزف الذى جبله الفنان الإلهي جبلة إلهية والخميرة المقدسة التى سرت فيها الحياة الإلهية، وهي باكورة طبيعتنا ، بها تستعيد البشرية جبلتها الأولى وامتيازاتها القديمة وبها يبدأ تجديد طبيعتنا والعالم العتيق يتقبل باكورة الخليقة الجديدة، لأن جسدها تربة اعتجنها الله بنفسه ولأنها الصورة المماثلة تمام المماثلة للجمال الأول، إذ شاء فادي جنسنا أن يحدث ميلاداً جديداً بدل الأول أختار في الطبيعة كلها هذه العذراء المنزهة تماماً عن كل دنس لكي يحقق تجسده الخاص على نحو ما اتخذ في القديم ، الخزف من تربة أنف ليصنع آدم الأول.

قال أغسطينوس: ومن ثم نعلم كم أعطيت من النعمة للتغلب على الخطيئة من كل الوجوه تلك التي استحقت أن تحمل وتلد ذلك الذي لم يثبت عليه خطيئة فقط في الطبيعة والنعمة
يؤكد توما حقيقة امتلاء مريم بالنعمة على الشعار القائل:
"يزداد الشيء من مبدأه كسباً فازداد منه تقريباً "
ولما كانت مريم من حيث أنها أم المسيح الإله، أكثر الخلائق تقرباً ،فيزيقياً وروحياً من المسيح، الذي هو بذاته كإله وآلياً كإنسان مبدأ النعمة وجب نتيجة لذلك، أن تكون مريم قد حصلت على أكبر نصيب من النعمة وأن دعوة العذراء إلى أن تصير أم أبن الله لتقتضي وفرة من النعمة الخاصة (القديس توما 3/50:27). عقيدة دوام بتولية العذراء مريم إن البتولية قبل مريم العذراء لم يكن لها شأن يُذكر. بل كانت عذارى إسرائيل يتهافتن على الزواج السريع، على زعم أنهن يلدن المسيح المسيا المنتظر. بل لا أكون مبالغاً لو قلت أن البتولية قبل مريم كانت محتقرة ومرزولة، لأنها كانت تنبئ عن شخصية ناقصة في خلقتها عند الكثيرين. ولذا علينا أن ندرس عقائدياً معنى دوام بتولية العذراء مريم.كيفية تحديدها:
حبلت مريم من الروح القدس بدون مشاركة بشرية من الإيمان.
إن المجمع اللاتراني، الذي أنعقد عام 649 في عهد البابا مرتينوس قد أظهر أوقات بكارة مريم الثلاثة عندما قال عن القديسة مريم الدائمة البكارة والبريئة من الدنس.
"بأنها قد حبلت من الروح القدس بدون زرع، وولدت بدون جرح، وحفظت بعد ميلاد المسيح بكارتها بدون أذى "
وأعلن البابا بولس الرابع سنة 1553 "إن مريم العذراء الكلية الطوبى قد ولدت، وبكارتها مصانة قبل الولادة، وفي الولادة وبعد الولادة" وبكارة العذراء هذه تتضمن بكارة العقل أي حالة في العقل دائمة البكارة، وبكارة الحواس أي العصمة من حركات الجنس المنحرف، وبكارة الجسد أي سلامة الجسم والعقيدة تعني أولاً سلامة الجسم كله.

تفيد المقدمة :
أن بتولية القديسة مريم ليست أمراً يخص حياتها الشخصية بل هي حقيقة إنجيلية تخص إيماننا في المسيح يسوع، فنرى أن كلمة الله المتجسد لم يبال بالوضع الذي يوضع فيه، ولا موضعه، ولا ما يأكل أو ما يلبس بل حدد العذراء التي سيولد منها وتصير له أم "ها العذراء تحبل وتلد أبناً وتدعو اسمه عمانوئيل"(اش 14:7). ومن هذا النص نفهم الأمومة الإلهية بما أن عمانوئيل سيولد منها إذن ستكون أم، ويحدد طريقة ولادة المسيح فهو سيولد من عذراء.
"فلذلك يؤتيكم السيد نفسه آية ها إن العذراء تحبل وتلد أبناً وتدعو أسمه عمانوئيل "1ش7/14
لقد استخدم أشعياء كلمة آلما بالعبرية والتي تعني عذراء مخطوبة بدلاً من كلمة ايسا أو بتولية. المعاني الثلاثة:
1 - آلما : معناها عذراء ناضجة كاملة الأنوثة لم تنجب أولاداً، ولكن يمكن أن تكون مخطوبة لرجل.
2 - أيسا : تعني سيدة متزوجة.
3 - بتولية : تعني عذراء غير مخطوبة.
فلو استعمل أشعياء كلمة أيسا لكان ذلك طبيعياً لأنها سيدة متزوجة ولو استعمل كلمة بتولية ما كنا نستطيع أن نطبق النبوءة على العذراء مريم التي كانت مخطوبة فكلمة ألما هي تناسب حال العذراء ويمكن تطبيق هذه النبوءة على العذراء مريم فهي عذراء وفي نفس الوقت مخطوبة لرجل اسمه "يوسف" فمنذ العصر المسيحى الأول وكل أباء الكنيسة فسروا هذه الآية وطبقوها على العذراء أم المسيح.
يقول القديس متى مطبقاً نبؤة أشعياء على العذراء ليثبت ولادة المسيح من العذراء مريم :
"وحدث هذا كله ليتم ما أوحى الرب إلى النبي القائل أن العذراء ستحمل وتلد أبناً يدعى عمانوئيل . ( مت 22:1-23)
وفي هذه الآية تجد ثلاث حالات :
1 : حالة عذراوية 2 : حالة حمل 3 : حالة ولادة
وكل هذه الحالات تطبق على العذراء مريم، إذاً مجيء نبوءة أشعياء بهذا التعبير المحدد لعملية الميلاد من عذراء هذا ما تم في بيت لحم . ومعجزة دوام البتولية مرتبطة ومتعلقة بقداسة الحمل وقداسة الميلاد، وقداسة المولود قداسة فائقة الطبيعة
" القدوس المولود منك يدعى أبن الله" ( لو 1/35 )
دوام البتولية هو جزء لا يتجزأ من حقيقة التجسد فنحن نقول ولد أو تجسد من العذراء فهناك علاقة بين التجسد وبتولية العذراء الدائم.
كان يوسف النجار بالنسبة للعذراء زوجها أو رجلها فهو أيس وهو زوج والعذراء كانت زوجة ولكن عذراء حسب العادات فالمخطوبة آنذاك كان يجب أن تحيا مع زوجها، وكان يمكن أن تنجب منه أولاداً حتى في فترة الخطوبة، لأنهم لو عرفوا أن العذراء حبلت وهي غير مخطوبة لكانوا رجموها تتميماً للناموس، وبما أنهم لم يرجموها فهذا معناه أنه كان يمكن أن تتجنب الفتاة وهي مخطوبة حتى قبل الزواج، ولكن ليس هذا شرط أساسي، فالعذراء كانت تعتبر زوجة في فترة خطوبتها وهو يعتبر زوج لها وفي إنجيل متى يقول الملاك ليوسف " يا يوسف أبن داود لا تخف أن تجيء بامرأتك مريم إلى بيتك"( مت 1/20-21) فمريم كانت خطيبة يوسف لأنها لم تزف إليه وهي كانت زوجته لأن بينهم عقد زواج قائم.
ميلاد المسيح البتولي كان يمثل عنصر أساسي في قوانين الكنيسة الأولى، لا لأنه يتحدث عن القديسة مريم بل لأنه يتكلم عن شخص المسيح ابن الله الذي ولد بالروح القدس من العذراء وطبيعته، ونرى ذلك في قانون الآباء الرسوليون والتقليد الكنسي لهيبوليتس 215م أي القرن الثالث كان يقول "أتؤمن بيسوع المسيح ابن الله الذي ولد بالروح القدس من العذراء مريم". 1 - بتولية العذراء قبل البشارة وبعدها هل كانت مريم العذراء بكر قبل ميلاد المسيح؟
كانت مريم بكر في آن البشارة وقبلها فمثلاً يذكر لوقا في إنجيله الآتي :" أرسل الملاك إلى عذراء مخطوبة لرجل اسمه يوسف" (لو 26:1) ويضيف قائلاً " كيف يكون لي هذا وأنا لا أعرف رجل" (لو 34:1 )
هذا تصريح يبين أن العذراء لم يكن لها علاقة مع أي رجل في الماضي ونجد القديس متى يقول لنا الآتي "وجدت قبل أن يتساكنا حاملاً من الروح القدس"( مت 18:1 )وتضيف قائلاً عن يوسف " ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر" إذاً مريم كانت بتول لحين الولادة .
مريم كانت عذراء في حبلها
"كيف يكون لي هذا وأنا لا أعرف رجل يقول الملاك أن الروح القدس تحل عليك وقوة العلي تظللك"( مت34:1-35 )
إذاً رد الملاك على تساؤل مريم يحمل الطمأنينة إلى قلبها ويوضح لها أن الله لا يطلب منها تضحية على حساب بتوليتها ولذلك سلمت إرادتها قائلة ها أنذا أمة الرب وإنجيل القديس متى يذكر لنا حادث يوسف عندما أراد أن يتخلى عن مريم سراً نرى أن القديس يوسف لم يكن يعلم بخبر حبل مريم وعندما ظهرت عليها علامات الحمل اضطرب وأراد تخليتها سراً (مت 19:1-24) وهذا ما يوضح أنه لم تكن هناك أي علاقة بين مريم ويوسف وبالتالي نستنتج أن مريم كانت عذراء في آن البشارة وأثناء حبلها .
بتولية مريم العذراء في ولادتها بالمخلص
في الولادة نلاحظ انفضاض بكارة الأنثى وهل مريم احتفظت ببكارتها في الولادة أم لا.نرى أن مجمع ميلانو 390م قال بناء على قانون الرسل الذي ترد فيه عبارة ولد من عذراء وذلك رداً على الذين يقولون أن مريم حبلت بتولاً ولكنها ولدت غير بتول أي أنها فقدت بتوليتها في الولادة. ونرى في مجمع القسطنطينية الثاني سنة 553م قال " أن العذراء دائمة البتولية" والعقيدة تعلن أن مريم لم تصب بأذى في ولادتها بالمسيح في بكارتها .
لقد أخبر أشعياء 7/14 بأن العذراء تلد وهي عذراء ببكوريتها. والأباء أطلقوا أيضاً على ولادة المسيح البتولية، بالمعنى الرمزي كلمات حزقيال عن الباب المغلق
"فقال لي الرب إن هذا الباب يكون مغلقاً لا يفتح ولا يدخل منه رجل لأن الرب إله إسرائيل قد دخل منه فيكون مغلقاً (حز 2:44 ).
وهذا حسب تفكير ق أمبروسيوس، رسالة 6:42 من ايرونيموس رسالة 21:49 وطبقوا آيات نشيد الأناشيد عن البستان المغلق والنبع المختوم "أختي العروس جنة مغلقة ينبوع مقفل وعين مختومة" (نشيد 4/12) وهذا حسب تفسير -- ايرونيموس ضد جوفينانس 31:1 رسالة لوقا 21:49.
مار أغناطيوس الأنطاكي : يسمي لا باكورة مريم فقط، بل أيضاً ولادتها، "سر يجب أن ينادى به عالياً"
والأباء القديسين أمثال اكليمنضدس الأسكندري، القديس أمبروسيوس، القديس ابرونيموس ،والقديس اغسطينوس، وهم يلجأون لشرح السر إلى مختلف الاستعارات والتشابيه خروج المسيح من القبر المختوم، ومروره خلال الأبواب المغلقة، مرور شعاع الشمس من خلال الزجاج، ولادة الكلمة في جوف الآب ولادة الفكر في العقل. ولادة المسيح العجيبة في جوف مريم البتول نجد تفسيرها الأخير في قدرة الله الكلية، وقد أعلن القديس أغسطينوس "السبب الأخير في مثل هذه الأشياء هو قدرة الله الذي أوجدها"
يقول القديس أمبروسيوس :
"ليكن لنا ثقة بكلام الملاك ليس أمر غير ممكن لدى الله ولنثق بكلام النبي أشعياء الذي يؤكد أن العذراء تحبل وتلد لا بمعنى منفصل بل بمعنى متصل أي أنها عذراء ليس فقط في الحبل بل في الولادة أيضاً أن الذين يريدون أن يحكموا في الأمور كلها حكماً يستند إلى الحكمة البشرية عليهم أن يشرحوا لنا كيف خرج المسيح يوم قيامته من قبره المغلق وكيف دخل على التلاميذ والأبواب مغلقة ، فإذا قبلوا هذه الخوارق وصدقوها فليؤمنوا أيضاً بما تعلمه الكنيسة بشأن ولادة مريم لأبنها الإله ومن حدث السير على المياه الذي فعله المسيح ومن حدث التجلي. الأباء يضعون هذه الأحداث أمام أعينهم في شرح كيفية الحفاظ على البكورية بعد الولادة. بتولية مريم إلى نهاية حياتها :
2 - هل مريم بقيت بتول بعد ولادتها بالمسيح طول حياتها أم تزوجت؟ في العصور الوسطى نجد أن البروتستانت ينكرون دوام بتولية العذراء مريم على أساس أنها تزوجت بعد الولادة وما عدا البروتستانت الذين يتبعون لوثر قد أثبتوا بكارة مريم الدائمة.

شهادة الكتاب المقدس :
كانت نية مريم الاحتفاظ ببتوليتها طوال أيام حياتها ونلاحظ ذلك خلال كلامها للملاك: " كيف يكون لي هذا وأنا لا أعرف رجل" العذراء تكشف عن قصدها في أن تمتنع عن كل علاقة زوجية، ورد الملاك كان واضحاً طمئن مريم عما يدور في ذهنها إذ أظهر لها أن الحبل لا يكون من قبل رجل بل من الروح القدس هذا رأي بعض المفسرين
1- عندما ضاع يسوع في الهيكل نجد لا أثر لأخوته (لوقا 41:2-5)
2- يسوع وحده هو الذي يسمى بابن العذراء مريم في الإنجيل .
3- على الصليب يستودع يسوع أمه ليوحنا الحبيب وهذا يثبت أن العذراء لم يكن لها أبناء سوى المسيح وإلا لكان سلم أمه إلى أحد أولادها حسب الطبع الشرقي وليس إلى غريب مثل يوحنا وقال لأمه " أيتها المرأة هذا أبنك ثم قال للتلميذ هذه أمك فأخذها إلى بيته من تلك الساعة يوحنا( 25:19-28).
لم يذكر ليسوع أخوات كانوا مع مريم أثناء عيد العنصرة أو في أي اجتماع صلاة .
اعتراضات المعترضين : البعض يعترضون على دوام بتولية العذراء مريم بعد الولادة مستندين على ذلك بآيات من الكتاب المقدس وإن كانت هذه الآيات لا تخدم أو لا تصلح للاعتراضات ولكن بسبب سوء فهمهم لشرح وتفسير الكتاب يتمسكون بها، ولكن هذه الآيات سنعرضها ونعرض التفسير الصحيح الذي يحد من الاعتراضات بل ويقضي عليها.
"لم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر"( مت 25:1) يثبت المعترضين أن العذراء بعد أن ولدت تزوجت والدليل هو كلمتي حتى وبكر

أولاً كلمة حتى :
تفيد الماضي من ناحية أي أن يوسف لم يقارب مريم أو يتصل بها جنسياً قبل الولادة وذلك كان رداً على الذين يقولون أن المسيح ابن يوسف النجار ويمكن أن نجد أمثلة كثيرة من الكتاب المقدس على هذه البدعة ومن جهة أخرى كلمة حتى قاطعة أي تقطع بعدم اتصال يوسف بمريم البتول حتى ولدت ابنها البكر، من غير أن تثبت وقوع هذا الاتصال في المستقبل والأمثلة الكتابية كثيرة "قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك تحت قدميك" (مز 109) فهل يعني أن الله كان تاركاً المسيح قبل جلوسه عن يمينه ولكن تعني أن الرب لا يتخلى عنه حتى يتم إخضاع الأعداء ويظل في الجلوس إلى الأبد .
يقول الله ليعقوب "إني لا أهملك حتى أفي لك بكل ما وعدتك" (تك 15:28) وهذا لا يعني أن الله سيهمل يعقوب بعد أن يفي وعوده
- "الغراب ظل يتردد حتى جفت الماء"(تك 8/7 )وهذا لا يمنع حدوث الشيء بعد جفاف الماء.
وخلاصة القول أن حكمة كلمة حتى نعني الحد الذي نذكره ولا شأن لها بما يأتي بعد ذلك "ولم تلد ميكال ابنة شاول ولداً حتى يوم ماتت" (ملو 22:6).
وكلمة حتى تساوي حرف "إلي" يقول القديس متى :"ها أنا معكم إلى "حتى" منتهى الدهر" (مت 20:28 )
وواضح أن وجود المسيح مع الرسل لن ينتهي بانتهاء الدهر لأن وجوده معهم سيدوم إلى الأبد، ونفس الشيء نقوله ونطبقه على آية {متى} "ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر وسمته يسوع"(مت 1/25 ) وكذلك الآية التي تقول "وجدت حبلى من قبل أن يجتمعا" (مت 1/18).
هذه الآية دليل أن حبل مريم ليس من يوسف ولا تعني أبداً أن بعد ذلك تم جماع بينهما.
ب - لفظ بكر
فإن كان يسوع هو البكر فهل هذا يعني أن مريم أنجبت أطفالاً آخرين بعد هذا البكر الذي هو المسيح ؟ بالطبع كلمة "البكر" تعني الطفل الأول الذي يولد من امرأة حتى إن كانت لم تلد أبداً من بعده . ولنا في هذا مثل وهو ما كتب في تل اليهودية - في مصر - على مقبرة امرأة ماتت وهي تلد طفلها الأول تقول الكتابة على لسان المرأة المدفونة في المقبرة :" في أوجاع ولادة ابني البكر قادني القدر إلى حياة أخرى"
حسب الشريعة الابن الأكبر هو البكر كل فاتح رحم أمه سواء له إخوة أم لا "وأنا اجتاز في أرض مصر في تلك الليلة وأقتل كل بكر في أرض مصر من الناس والبهائم وبجميع آلهة المصريين أصنع أحكاماً أنا الرب" (حز 12/12) " كل بكر ذكر ينذر للرب وليقرب ما تفرضه شريعة الرب زوجي يمام أو فرخي حمام"(لو 24:2-25)"قدس لي كل بكر كل فاتح رحم من بني إسرائيل من الناس والبهائم إنه ليّ" (خر 2:13).

2 – ثاني اعتراض "أليس هذا هو ابن النجار وأخوته" (مت 13/55)
يقولون المعترضون أن هذه الآية توضح أن يسوع له إخوة واخوات إذن مريم لم تكن في حالة بتولية دائمة ولكننا نقول لهم :- أن المسيح كان يتكلم الآرامية والعبرية وهاتين اللغتين فقيرتين في ألفاظهما ، وكلمة أخي لا تعني الشقيق ولكن كانوا يستعملونها بسبب فقر اللغة ولنا الأمثلة على ذلك لوط وإبراهيم :- لوط ابن أخي إبراهيم وإبراهيم يدعوه أخوه، "دعي لوط أخاً لإبراهيم عمه" (تك 14/14و16، تك 18:13) ولابان يستعمل الكلمة نفسها مع يعقوب أبن أخته تك( 29/2) "إذا كنت أخي اتخدمني مجاناً" (تك 12:26 تك 15:29) وبنفس المعنى يذكر أخبار الأيام أول "ومات ألعازارُ ولم يكن له بنون بل بنات فأخذهن بنو قيس إخونهن" (22:23) أن بنات اليعازر تزوجن أخوتهن ابنا قيس أولاد عمهن (وسفر اللاويين 4:10) يقصد بنفس اللفظ الأقارب البعيدين .

كلمة إخوة تأتي بمعنى القبيلة : نجد ذلك في سفر التكوين "فأجاب إسحاق وقال لعيسو ها أنا قد جعلته سيداً لك ودفعت بكل أخوته عبيده (أي قبائله) (تك 27/37.)
كلمة إخوة تأتي بمعنى شعب : نجد ذلك في سفر الخروج.
"وكان في تلك الأيام لما كبر موسى أنه خرج إلى أخوته ونظر أثقالهم فإذا برجل مصري يضرب رجلاً عبرانياً من ‘خوته (خر2/11)
كلمة إخوة بمعنى المؤمنين : ويظهر ذلك في أعمال الرسل.
"وفي تلك الأيام قام بطرس في الإخوة، وكان عدد المجتمعين يناهز مائة وعشرين فقال" ( أع 15:1).
إذاً كلمة أخ ليس لها المعنى العصري أي الشقيق، والقديس مرقس عندما يذكر إخوة يسوع هم المؤمنين به (مر 3/31). "وجاءت أمه وأخوته "(مر 1/31) ويتضح أن إخوة يسوع هم أقرباء يسوع وأقاربه هم أخوته ، والقديس متى يذكر أمهات إخوة يسوع "وكان هناك كثير من النساء ينظرن عن بعد، وهن اللواتي تبعن يسوع من الجليل ليخدموه، فيهن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسف وأم أبني زبدي " (مت 55-56) ويوحنا يوضح أسماء تلك النسوة " "هناك عند الصليب أمه (أم يسوع) وأخت أمه مريم امرأة قلوبا، ومريم المجدلية. فرأى يسوع أمه" (يو 25:19-26)
إذاً يسوع وحده هو ابن مريم، ومريم وحدها هي أم يسوع بينما إخوة يسوع هؤلاء في الكتاب المقدس لم يدعوهم أبداً بأنهم أولاد مريم أو أبناء يوسف بل دائماً إخوة يسوع.
ويقول القديس باسيليوس "لا يطيق المسيحيون سماع القول بأن أم الله قد كفت يوماً عن أن تكون بتولاً عذراء"
ويقول الآباء عن اوقات بكارة مريم الثلاث بمثل قولهم : "حبلت بكراً وولدت بكراً وبقيت بكراً"
هل بقاء مريم بتول على الدوام يوافق العقل البشري؟
أن المسيح وهو الابن الوحيد المولود من الآب قبل الدهور، فاللياقة تتطلب أن يكون الابن الوحيد لأمه على الأرض، الروح القدس هو الذي قدس مريم بنوع خاص، فلم يسمح بأن تمس مريم من إنسان، فكان من اللياقة أن يحفظ الروح القدس هيكل المكرس بنوع خاص، كما أن الله احترم نذرها لحفظ البتولية، وولد منها المسيح بالروح القدس.
ترتبط البتولية بالمولود. والمولود بالبتولية. لأنه لا يمكن أن تكون الأم بتولاً الآَّ التي ولدت الله فقط. وهي بتولية دائمة إلى الأبد. إرتباط البتولية بالمولود لم ينحل هنا على الأرض ولا في السماء لأن البتول ظلت بتولاً وستظل إلى الأبد بتولاً. والمولود منها سوف يظل مولوداً منها ومتجسداً. فالإلتصاق في الدنيا تفسده عوامل الموت. أما البتولية فهي بتولية في الدنيا وبتولية في الأبدية. لأن الأبدية لا إرتباط فيها بزواج أو بأي علاقة مادية. أمومة مريم في الكتاب المقدس والتقليد في إنجيل يوحنا يقول عنها "أم يسوع" (يو 1:2) والقديس متى يقول عنها "أما ميلاد يسوع المسيح لما كانت مريم أم مخطوبة ليوسف" (مت 18:1) "ودخلوا البيت ورأوا الطفل فيه وأمه مريم" (مت 11:2) قم واهرب بالطفل وأمه إلى مصر …. (مت 13:2) "قم فاذهب بالطفل وأمه وأرجع إلى أرض إسرائيل … (مت 20:2) ويقول لوقا البشير "…من أين ليّ َأن تأتي إلي أم ربي …" (لو 1/43) وقد تنبأ أشعياء بواضح الكلام عن أمومة مريم الحقيقية "ها أن العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعى اسمه عمانوئيل" (اش 7/14)
وجاء الملاك مبشراً العذراء في لوقا قائلاً "فستحبلين وتلدين ابناً تسمينه يسوع" (لو 31:1) الأمومة الإلهية هذه هي متضمنة في كلمات القديس لوقا "القدوس المولود منك يدعى ابن الله"(لو 35:1) وفي رسالة غلاطية "… أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة …" (غلا 4:4) والمرأة التي ولدت ابن الله هذه هي أم الله .

القديس أغناطيوس الأنطاكي سنة 107م ذكر أن سيدنا يسوع المسيح قد حبل به في بطن أمه مريم حسب التدبير الإلهي وهو مولود من دم داود ومن الروح القدس" رسالة أفسس 18/3 .
القديس إيرناوس " هذا المسيح الذي كان عند الآب كلمة الآب ولد من عذراء " ق2
وقد جرى لقب أم الله منذ القرن الثالث .
القديس يوحنا الدمشقي "أنها بالحقيقة وبالمعنى الخاص الحقيقي أم الله وملكة فهي تملك على الخلائق، لأنها خادمة الخالق وأمه" في الإيمان المستقيم.14:4
القديس أغسطينوس : " ومن ثم نعلم كيف أعطيت من النعمة للتغلب على الخطيئة من كل الوجوه تلك التي استحقت أن تحمل وتلد ذلك الذي لم يثبت عليه خطيئة قط" في الطبيعة النعمة 42:36
عن القديس توما عن حقيقة امتلاء مريم بالنعمة وفق الشعار القائل "يزداد الشيء من مبدأه كسباً ما زاد منه تقرباً" ولما كانت مريم من حيث أنها أم المسيح الإله أكثر الخلائق تقرباً، فيزيقياً وروحياً من المسيح، الذي هو بذاته كإله، وآلياً كإنسان، مبدأ النعمة وجد نتيجة لذلك، أن تكون مريم قد حصلت على أكبر نصيب من النعمة. وأن دعوة العذراء إلى أن تصير أم ابن الله لتقتضي وفرة من النعمة خاصة ق توما 3/5:27.
كيرلس الإسكندري ضد نسطور : "من لا يعترف بأن عمانوئيل (المسيح) هو إله حقاً وأن العذراء القديسة هي لهذا السبب، ولدت الله حقاً، لأنها ولدت بحسب الجسد، الكلمة المتجسد المولود من الله فليكن محروماً"
صفات أمومة العذراء مريم
1 – أمومة مقدسة :
لأن العذراء هي أقدس الخلائق ليس فقط لأن الله عمل بها عظائم "فطوبى لك يا من آمنت بأن ما بلغها من عند الرب سيتم" (لو1/40) "لأن القدير آتاني فضلاً عظيماً قدوس اسمه" (لو 1/49) بل لأنها أم المؤمنين إذن الأمومة مقدسة من جهة مريم نفسها ،ولأنها قديسة أرسل الله إليها الملاك قائلاً لها "السلام عليك يا ممتلئة نعمة" (لو1/28) ففي حياتها كانت تحيا بقداسة فهي عذراء (لو1/27) وطهارة العذراء تحقق القداسة، فالقداسة شرطها الأساسي هو تجرد عن العالم، فهي تجرد عن الدنيا غايته الانتساب تماماً بالنفس والجسد إلى الله فكل العمل الصادر عنها هو صادر عن إيمان وطاعة وتواضع "أنا أمة الرب فليكن لي كما قلت"(لو 1/38) والعذراء تحولت إلى قدس الأقداس الحقيقي الذي رُمز إليه في العهد القديم فصارت هي قدس الأقداس الحقيقي التي حملت في أحشائها الله المتجسد، فالعذراء تحققت لها رغبتان فهي عذراء وتصبح أم فكل فتاة في العهد القديم كانت ترغب في أن يولد منها المسيح فالرغبة الأولى أنها أصبحت أم الله، والرغبة الثانية أنها ظلت عذراء كما هي على حسب النذر الذي نذرته.

2 – أمومة إلهية :
إن مريم ليست والدة اللاهوت أو الناسوت وإنما والدة الابن الذي هو الله، فهي لم تلد الإنسان الذي اتحد فيما بعد بالله بل ولدت ابن الله المتجسد، فهي أم المسيح الشخص وليست أم جسده فقط، وهذا الشخص هو شخص إلهي.
يقول أوريجانوس:
كل مسيحي كامل لا يحيا هو بل المسيح يحيا فيه. ولما كان المسيح هو الذي يحيا فيه، قيل أنه لمريم فوق ما هو لنفسه ، هوذا ابنك المسيح"
"النص الذي يقول: "الله ظهر في الجسد يؤكد أنه ليس إثنان في المسيح الله الذي ظهر في الجسد بل واحد فقط هو الله المتجسد. فالمسيح الذي يقول عنه بولس الرسول: "الله ظهر في الجسد كان يحمل الطبيعة الناسوتية في نفس الوقت. ولكن لأن الطبيعة الناسوتية اتحدت بالطبيعة الإلهية اتحاداً جوهرياً كاملاً قيل الله الواحد ظهر في الجسد. ومن حيث أن المسيح واحد لا إثنين. لم يتغير عما كان قبل التجسد فلذلك لم يحدث إطلاقاً تغيير في الثالوث القدوس الإله الواحد"

3 – أمومة اجتماعية :
القديس أوغسطينوس يقول : "أن والدة رأس الجسم السري هي في الوقت نفسه والدة الأعضاء" أي أن والدة المسيح هي والدة الكنيسة التي هي أعضاء المسيح فهي حبة الخردل التي ألقيت على الأرض وأنبتت الكنيسة فالكنيسة تنشأ من اتحاد مريم بابنها الإلهي واتحاد الإله بالإنسان، والمخلص بالمخلصين، فهي أم في الكنيسة أو هي أم الكنيسة وهي المثال الذي يجب أن يحتذي به في الكنيسة.
أبيفانيوس : يضع موازنة بين حواء ومريم وينتقل إلى أمومة مريم الروحية.
"لقد رمز إلى مريم بحواء ،تلك التي إنما دعيت بأم الأحياء لأنها صورة لمريم فأصل الجنس البشري كله إذا ما نظرنا إليه من الخارج، إنما هو من حواء إلا أن حياة العالم في الحقيقة، إنما ولدت من مريم، وهكذا كان على مريم أن تلد "الحي" فتصير أم الأحياء"




موقع جمعية التعليم المسيحى بحلب

نفى الأرثوذكس عقيدة الحبل بلا دنس


للسيدة العذراء مكانة عظمى في قلوبنا جميعاً وأيضاً لها نفس المكانة في قلوب إخوتنا من الكنائس الرسولية الأخرى ومن ضمنها الكنيسة الكاثوليكية وفي هذا لنا موقف واحد في مواجهة البروتستانت والنساطرة. هذا الموقف الواحد يتمثل في أننا نتفق على تلقيبها أنها "والدة الإله" ونُصر على هذا اللقب وإنها هي الممتلئة نعمة وإنها الدائمة البتولية كما نؤمن أيضاً بشفاعتها وصعود جسدها إلى السماء بعد نياحتها وإنها أم البشرية كلها.

ومع كل هذا من نقاط اتفاق إلا أنه يوجد بيننا وبين الكاثوليك بعض الخلافات فيما يختص بالعذراء .. إلا أن أبرزها هو موضوع (الحبل بلا دنس) Immaculate Conception.

فإخوتنا الكاثوليك يزعمون بأن العذراء لكي يولد منها المسيح بلا خطية - ومبالغة في إكرامها - فتكون هي أيضاً قد حُبل بها بلا دنس من والديها وأنها لم تحمل الخطية الحبرية من والديها حنة ويواقيم (؟!).

ولأن هذه البدعة الغريبة لها نتائج خطيرة على قضية الفداء والخلاص .. فكيف نرد عليها من واقع الكتاب المقدس والتاريخ.

1- تاريخياً:
هي عقيدة حديثة.. إذ أعلنها البابا بيوس التاسع في 8 ديسمبر 1854 بنص بابوي وأصبح هذا اليوم عيد سنوي للعذراء لديهم.
والعجيب أن مصادر هذه العقيدة الرؤيا التي تنسب إلى فتاة اسمها برناديت ويسمونها "فتاة لورد" (لورد: مدينة فرنسية) وكان عمر البنت 12 سنة وقالت إن العذراء ظهرت لها وقالت لها "أنا الحبل بلا دنس" ولعل هذا لا يكون المقصود ؟
كما أننا لا نستطيع أن نبني عقيدة لاهوتية على مجرد رؤية.
ثم بدأ البحث عما يدعم هذه العقيدة في الكتاب وأقوال الآباء علماً بأنه قبل هذا التاريخ وحتى في المجامع الكاثوليكية المقدسة لا نجد أثراً لهذه العقيدة.

2- هي ضد عقيدة الفداء والكفارة:
فكلمات الكتاب المقدس أننا جميعاً قد ورثنا الخطية الأصلية - بلا إستثناء - (رو 5 : 12 ، 17 - 18) ، (1كو 15 : 3) وإننا لا نستطيع أن نخلص إلا بالفداء بدم المسيح لأنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة (عب 9 : 22).
فكيف إذن أمكن أن تخلص العذراء من الخطية الأصلية بدون سفك دم ؟
الأخطر من ذلك أنه لو كانت هناك طريقة يخلص بها إنسان من الخطية الأصلية (الحبرية) ومن الحكم الذي وقع على أبوينا الأولين - غيرالفداء - فلماذا الفداء ؟ ولماذا لم يعممها الله على البشر أسوة بالعذراء ؟ ولماذا التجسد ؟ ولماذا أخلى الرب ذاته آخذاً صورة عبد ؟ ولماذا إحتمل الآلام والإهانات ؟

3- أن العذراء مريم نفسها قالت في تسبحتها:
"تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي" (لو1: 46)
إذن فهي نفسها إعترفت أنها بحاجة للخلاص (علماً بأنها نطقت بذلك وهي تحمل في داخلها الجنين الإلهي - ابن الله الكلمة المتجسد) وإلا كانت قد قالت (الله مخلصكم).

4- لو قبلنا هذا الرأي بوجوب خلو العذراء من الخطية الأصلية لكي لا يرثها المسيح منها:
إذن فكيف لم ترثها العذراء من والديها إلا لو كانوا هم أنفسهم بلا خطيئة أصلية ... إذاً ..
- هل آدم وحواء لم يخطئا ؟ (وهو أمر بالطبع مرفوض من واقع الكتاب المقدس).
- أم أن والدا العذراء كانا من نسل آخر غير آدم وحواء ؟
- أم أن حنة أمها حملت بها كحمل العذراء بالمسيح ؟

5- هنا نوجه سؤالاً بسيطاً لإخوتنا الكاثوليك نرجوهم الإجابة عنه:
إن كانت هذه العقيدة صحيحة فما الداعي لحلول الروح القدس عليها ؟ وما هو الدور الذي قام به الروح القدس في أحشائها ؟ (لو 1 : 35)
فالمعروف أن الروح القدس حل أقنومياً في بطن العذراء وأوجد للمسيح جسداً خاصاً في بطن العذراء ولكن العذراء مولودة بصورة عادية طبيعية كأي إنسان ولم يقل أنه حدث مع حنة ما حدث مع العذراء. كذلك السيد المسيح هو أقنوم الكلمة الله الأزلي الذي بلا خطية وحده وإليه تنسب القداسة الكلية والطهارة الكاملة.

إن هذه العقيدة خطيرة، لأنها تمس الفداء وتقلل من قيمته بصورة كبيرة وتقلل من عمل الروح القدس في التجسد ، وهي أمور لا نستطيع أن نتخلى عنها أو نتنازل عنها لأنها أغلى وأثمن عقائدنا الإيمانية.


العذراء مريم بين الأرثوذكس والطوائف الأخرى


* الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تكرم السيدة العذراء الإكرام اللائق بها دون مبالغة أو إقلال من شأنها. فهى القديسة المكرمة والدة الإله المطوبة من السمائيين والأرضيين, دائمة البتولية العذراء كل حين, الشفيعة المؤتمنة والمعينة, السماء الثانية الجسدانية أم النور الحقيقى التى ولدت مخلص العالم ربنا يسوع المسيح.
* مريم العذراء هى الإنسانة الوحيدة التى أنتظر الله آلاف السنين حتى وجدها ورآها مستحقة لهذا الشرف العظيم "التجسد الإلهى" الشرف الذى شرحه الملاك جبرائيل بقوله " الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلىّ تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منكِ يدعى أبن الله" (لو35:1). لهذا قال عنها الكتاب المقدس "بنات كثيرات عملن فضلاً أما أنت ففقتِ عليهن جميعاً " (أم29:31)
* هذه العذراء كانت القديسة كانت فى فكر الله وفى تدبيره منذ البدء ففى الخلاص الذى وعد به آدم وحواء قال لهما " أن نسل المرأة يسحق رأس الحية " (تك15:3) هذه المرأة هى العذراء ونسلها هو المسيح الذى سحق رأس الحية على الصليب.

* أولاً: العذراء في العقيدة الكاثوليكية
* عبادة مريم:
* يؤمن الكاثوليك ان عبادة مريم هى اعظم وسيلة لحفظ البر والقداسة وانه يجب تقديم العبادة لمريم مثل تقديم العبادة للقربان المقدس (الافخارستيا).
* وجزء من عبادة مريم هو ان تعطى لمريم كنزك الروحى من ثواب ونعم وفضائل وكفارة فيما يعرف بزوائد فضائل القديسين - (العقيدة الكاثوليكية نؤمن ان لكل إنسان فضائل أو غفرانات يأخذها عن طريق التأديبات الكنسية أو بصلوات يتلوها فيتحول لديه رصيد من البر ويصير عنده فائض يستطيع ان يتصدق بهذا الفائض الى احدى النفوس المعذبة بالمطهر لينقذها من الاستمرار فيه, وعندما نهب زوائدنا للعذراء تصبح ملكا لها تمنحها للنفوس المعذبة بالمطهر لتخفيف آلامها أو لأحد الخطاة لردة الى النعمة). منقول من موقع كنيسة الأنبا تكلا

* الحبل بلا دنس
* فى يوم 8 ديسمبر من كل عام يحتفل الكاثوليك بعيد الحبل بالعذراء بلا دنس الخطية الأصلية وهذا معناه انه منذ اللحظة الأولى فى تكوينها فى أحشاء أمها قد وجدت طاهرة نقية خالية من عار الخطية الجدية (خطية آدم) وذلك ليس من ذات طبعها ولكن بإنعام خاص ويعتمدون على الآية " قدس العلى مسكنه " (مز 45: 5) أى مستودع العذراء لتصبح أهلاً لسكنى الله وكان إظهار هذه العقيدة سنة 1854.
* الرد:
* نحن نعلم ان هناك طريق واحد للخلاص وهو دم المسيح " بدون سفك دم لا تحدث مغفرة " (عب 9: 22) وهذا المفهوم كان حتى موجود فى العهد القديم فى ذبائح الكفارة فكيف خلصت العذراء قبل سفك الدم وولدت طاهرة من الخطية الأصلية ؟!.
* إذا كان ممكنا ان يخلص إنسان كالعذراء من الخطية الأصلية بدون تجسد الرب وصلبه وموته وقيامته فلماذا لم يخلص الله البشر كلهم بهذه الطريقة ؟ ما حاجته أن يخلى الله ذاته ويأخذ شكل العبد وان يصلب ويموت ؟!.
* هناك الكثير من الآيات الدالة على كفارة المسيح وغفرانه لخطايانا بالصليب:
* " متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذى بيسوع المسيح الذى قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه" (رو 3: 24)
* " ان اخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار هو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً " (1 يو 2: 1-2).
* "فمن ثم يقدر ان يخلص أيضاً الى التمام الذين يتقدمون به الى الله ". (عب 7: 25).
* " ليس بأحد غيره الخلاص " (أع 4: 13).
* ثم إذا كانت العذراء قد خلصت من الخطية الأصلية لماذا قالت " تبتهج روحى بالله مخلصى " (لو 1: 47).

* عصمة مريم:
* يؤمن اخوتنا الكاثوليك كذلك بان مريم كانت ثابتة فى الصلاح والبر من وقت ان حبل بها وان الله منحها العصمة طوال حياتها وهذه هى الفضيلة التى انفردت بها العذراء عن سائر القديسين، ويقول البابا بيوس التاسع ان العذراء مريم كانت منذ أول دقيقة من الحبل بها معصومة من الخطيئة وذلك بإنعام الهى خاص.
* الرد:
* ان العذراء مريم كانت هيكلا للإله ولم تكن إلهاً. العذراء مريم هى قديسة الأجيال وكل الدهور ولكن ليس قداستها معناها إنها كانت معصومة من الخطأ. فليس هناك امرأة فى الأرض قبلها أو بعدها تساويها فى القداسة ليس عن عصمة وإنما عن قداسة مصدرها حلول الروح القدس عليها والنعمة التى حلت عليها والتى أعطتها قوة تفوق الوصف لأنها تحمل قدوس الله.
* ولو كان قداسة العذراء عن عصمة كان يمكن ان ينال هذا الأنعام أى من القديسات اللائى سبقنها فى ازمن والتاريخ.
* هذا تقليل من قيمة العذراء إذ نرجع الفضل فى قداستها لله الذى انعم عليها بالعصمة من الخطية وليس لجهادها فى طريق القداسة.

* مريم والغفرانات:
* الغفرانات هى منح يمنحها الباباوات لمن يتلو تلاوات خاصة أو يزور أماكن معينة فى أوقات معينة والعذراء قد نالت من هذه الأنواع الثلاث كثيراً.
* غفرانات لأوقات معينة: بالنسبة للعذراء مريم شهر مايو يعتبره الكاثوليك الشهر المريمى وقد صادق عليه البابا بيوس السابع وحتى يشجع المؤمنين على ممارسته منح غفران 300 يوم عن كل يوم يحضره المسيحى أو يحتفل به فى أى مكان وغفرانا كاملا لكل الذين يحتفلون بالشهر كله.
* وبالمثل شهر مارس هو شهر القديس يوسف الصديق خطيب مريم العذراء.
* غفرانات لصلوات معينة:غفران 300 يوم لكل من يقول يا يسوع ومريم – غفران 7 سنين و7 أربعينات لكل من يقول يا يسوع ومريم ومار يوسف.
* غفرانات لاماكن معينة: مثال الذين يزورون اى كنيسة أو مكان لعبادة العذراء مريم يوم 8 ديسمبر أو أيام اعياد ميلاد العذراء وبشارتها ودخولها الى الهيكل وانتقالها الى السماء.
* الرد:
* شرط الغفران هو التوبة
* " فتوبوا وارجعوا تمحى خطاياكم " (اع 3: 19)
* " فإذا رجع الشرير عن جميع الخطايا التى فعلها وحفظ كل فرائضى وفعل حقاً وعدلاً فحياة يحيا لا يموت كل معاصيه التى فعلها لا تذكر عليه, فى بره الذى عمل يحيا " (حزقيال 18: 21-22)
* " ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون " (لو 13: 3)
* " ليترك الشرير طريقه ورجل الإثم أفكاره وليتب إلى الرب فيرحمه" (أش 55: 7)
* صلاة الفريسى كانت أطول من صلاة العشار ومع ذلك خرج العشار مبررا فالعلاقة بيننا وبين الله – كالصلاة- ليست تلاوة فالكتبة كانوا يطيلون الصلوات وانتقدهم الرب فى ذلك، المهم هو نوع الصلاة والكلام الذى أقوله فيمكن أن أقول كلمة واحدة وأنال بها الفردوس مثل اللص اليمين أو العشار. المهم هو الانسحاق والخشوع والفهم أما ان تكون التلاوات محددة بأرقام وأيام للمغفرة فهذا الكلام ليس له اى سند.
* بأى حق وعلى اى أساس كان الباباوات يعطون هذه الغفرانات هذا 300 يوم وهذا 30 سنة وهذا 7 سنين هذا الكلام ليس له اى سند فى الكتاب المقدس أو تعاليم وأقوال الرسل!!.

* العذراء سيدة المطهر:
* ان كنا نؤمن بالكنيسة المجاهدة على الأرض والكنيسة المنتصرة فى السماء فهناك عند الكاثوليك كنيسة أخرى هى الكنيسة المتألمة فى المطهر، ويؤمنون ان العذراء مريم تستطيع ان تساعد وتسعف أبنائها فى المطهر بان تنتشلهم منه أو تخفف عنهم وطأة العذاب وهى تستطيع ان تستعمل سلطانها وسلطتها فى الكنيسة المنتصرة أو المجاهدة أو المتألمة حيث يمتد سلطانها الى حيث يصل سلطان ابنها ويؤمنون ان العذراء تظهر للأنفس التى فى المطهر لتعينها على العذاب وان المطهر قد يفرع فى اعياد العذراء المجيدة مثال السجون التى يطلق المساجين منها فى الأعياد وعند العفو الملكى.
* أيضاً عندما تمنح زوائد فضائلنا ا للعذراء فهى تنقلها للأنفس المعذبة فى المطهر لتخفيف مدتها.
* (بين عقيدة زوائد فضائل القديسين والغفرانات: هناك ارتباط بين هاتين العقيدتين, بمعنى أنه قد يتحصل أنسان ما على غفران 50 سنة ويموت بعد 30 سنة فيكون لديه فائض غفران 20 سنة كرصيد يمكن أن يتصدق به على غيره من الأحياء أو الأموات فى المطهر أو يهبه للعذراء لتوزيعه على من تشاء من الخطاة !!)

* الرد أصلا على موضوع المطهر طويل ولكن نذكر بعض النقاط:
* هل دم المسيح غير كاف للخلاص ؟! ان كان غير كافٍ فباطل هو إيماننا أما إذا كان كافياً فما لزوم المطهر.
* هل هناك خطايا يغفرها دم المسيح وخطايا أخرى يغفرها العذاب فى المطهر ؟!
* فى كل قصص الغفران فى الكتاب المقدس يكون غفران الله كاملاً لا تجزئة فيه... إن الذين كان على الواحد منهما خمسمائة دينار وعلى الآخر خمسون يقول الكتاب إن الله... إذا لم يكن لهما ما يوفيانه سامحهما جميعاً (لو 42:7) فالخطية التى للموت (مثال 500 دينار) والخطية العَرَضّية (مثال50 دينار) سامحهم كلهم.
* (توضيح: يؤمن الكاثوليك فيما يخض عقيدة المطهر أن هناك نوعان من الخطايا كقول الكتاب هناك خطايا للموت وخطايا ليست للموت فالخطايا التى للموت يغفرها دم المسيح, أما الخطايا التى ليست للموت – العَرَضّية - فيذهب الانسان إلى المطهر ليدفع عنها الحساب, ولكن الواضح فى هذا المثل الذى قاله المسيح أن السيد سامح العبدان كليهما وأن العبدان لم يكن لهما ما يوفيانه سواء ال500 أو ال50 دينار)
* اللص اليمين قال له المسيح اليوم تكون معى فى الفردوس معناها انه دخل الفردوس فى يوم وفاته دون ان يعبر على هذا المسمى المطهر.

* ثانياً: العذراء فى العقيدة البروتستانتية:
* تشتهر الكنيسة البروتستانتية بكثرة مدارس تفسير الكتاب المقدس إذ أعطى مارتن لوثر الحق لكل مسيحى مؤمن لان يفسر الكتاب المقدس حسبما يرشده روح الله القدوس وذلك رداً على تسلط الكنيسة الكاثوليكية.
* لهذا انتشرت المذاهب البروتستانتية لتعدد أنواع التفاسير.
* بالرغم من إنكار البروتستانت لبعض الأمور الخاصة بالعذراء كدوام بتوليتها وشفاعتها إلا انهم يكرمونها فى كتاباتهم وأقوالهم كثيرا.

* تشبيه العذراء بعلبة الجوهرة:
* بالرغم من بعض الكلمات الجميلة التى تظهر فى بعض الكتب البروتستانتية إلا أننا فى عظاتهم نسمعهم يشبهون العذراء بالعلبة التى فيها جوهرة نأخذها ونرمى العلبة أو كالبيضة نقشر القشرة ونأكل البيضة, بل قد تجرأ البعض وقالوا عنها " اختنا ".
* الرد:
* هذا التشبيه خاطئ لاهوتيا لان الجوهرة أو الذهب من خامة والعلبة من خامة أو مادة أخرى كذلك قشرة البيضة مختلفة فى مادتها عن البيضة فإذا كانت العذراء علبة للتجسد فهذا معناه ان جسد المسيح ليس مأخوذا منها بل كان موضوعا فيها " فإذ قد تشارك الأولاد فى اللحم والدم اشترك هو أيضاً كذلك فيهما لكى يبيد بالموت ذاك الذى له سلطان الموت اى إبليس " (عب 2: 14)، أيضاً فى قانون الإيمان نقول " تجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء تأنس"
* بالرغم من ان العلبة ليست فى قيمة الجوهرة ولكن هذا لا يلغى أهميتها فى حفظ الجوهرة.

* شفاعة العذراء والقديسين:
* يظن البروتستانت انه فى طلب شفاعة العذراء أو القديسين نعطى عمل المسيح وكرامته لهم ولكن لابد ان نفرق بين شفاعة المسيح الكفارية لمغفرة الخطايا وشفاعة القديسين التوسلية وصلواتهم عنا.

* زواج العذراء بعد ميلاد المسيح [دوام بتولية العذراء]:
* يؤمن البروتستانت أن العذراء مريم عاشت فى حالة الزواج مع رجلها بعد ولادة المسيح وأن العذراء مريم كان لها أولاد معتمدين فى ذلك على نغض الآيات:
* "فأخذ يوسف امرأته ولم يعرفها حتى ولدت أبنها البكر" (مت24:1)
* "مالى ولك يا أمرأة.... يا أمرأة هوذا أبنك "
* ذكر الكتاب المقدس أسماء أربعة أخوة للسيد المسيح فى (مت 13: 55-56) و(مر 6: 1-5)

أولاً: لم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر (مت 1: 24)
* لم يعرفها ليس معناها انه عرفها معرفة الأزواج بعد ان ولدت المسيح ولكن لم يعرف كرامتها ومنزلتها وقيمتها إلا بعد ان رآها بدون زواج أماً.
* حتى: لها معنيان فى الكتاب المقدس " إلى أن" أو " ولو " وهى فى هذه الحالة لا تفيد المعنى (إلى أن) أى أنه بعد هذا عرفها – أى يوسف النجار- وتزوج بها.
مثال قال الكتاب المقدس عن ميكال زوجة داود " لم يكن لها ولد حتى ماتت (2صم 6: 23)
"فخرج الغراب مترددا حتى نشفت المياه عن الأرض (تك 8: 6،7) وليس معنى هذا أن الغراب رجع إلى الفلم بعد أن نشفت المياه.
قول الله ليعقوب " لا أتركك حتى افعل ما كلمتك به " (تك 28: 15) وليس معنى ذلك أن الله ترك يعقوب بعد ذلك.
" لا يغفر لكم هذا الأثم حتى تموتوا " (أش 22: 14) ولا يفهم من ذلك أن الله يغفر بعد الموت.
* ابنها البكر:
لا تعنى ان المسيح هو بكر بين اخوة كثيرين ولدتهم العذراء بعد ولادته فالبكر - First Born - هو أول مولود وهو لا يأخذ صفة البكورية لوجود اخوة له والدليل على ذلك قول الرب فى سفر الخروج " قدس لى كل بكر فاتح رحم" (خر 13: 2) وتقديسه للرب لم يكن يحدث بعد ولادة ابن آخر0.. بل بمجرد ولادته دون انتظار غيره مثال اسحق الذى كان بكر سارة ولم يكن لها غيره.

ثانياً: قول المسيح للعذراء " يا امرأة ":
ظن البعض أن هذه الكلمة – يا امرأة – تعنى ما نفهمه نحن من الفرق بين الأمرأة والآنسة فكلمة أمرأة تعنى سيدة باللغة العبرية وكان هذا هو التعبير المألوف فى لغة شعبها.
بولس الرسول فى (غل 4: 4) يقول " أرسل الله ابنه مولودا من امرأة " وكلمة امرأة هنا لا تعنى أنها ليست عذراء إذ لا يمكن القول ان مريم لم تكن عذراء وقت ميلاد المسيح، بنفس الأسلوب دعى الكتاب حواء امرأة قبل الخروج من الجنة قبل ان تعرف آدم زوجها "لأنها من امرئ أخذت" (تك 23:2)
فالمرأة عموما سواء عذراء أو متزوجة تسمى امرأة كما أن الأعزب او المتزوج من الذكور يسمى رجلاً.

ثالثاً: اخوة يسوع
فى(مت 13: 55 – 56) و(مر 6: 3) يذكر أربعة اخوة ليسوع هم " يعقوب ويوسى وسمعان ويهوذا " فمن يا ترى هم هؤلاء الأخوة المذكورون فى الكتاب المقدس ؟!
1. فى غلاطية (19:1) يقول بولس الرسول "لم أر غيره من الرسل إلا يعقوب أخا الرب" فيتضح أنه كان من ضمن الرسل واحد أسمه "يعقوب أخا الرب" وبمراجعة المواضع التى وردت فيها أسماء الرسل تجد بينهم اثنان بأسم يعقوب، الأول هو يعقوب بن زبدى أخو يوحنا وهو الذى قتله هيرودس الملك (أع2:12) والآخر هو يعقوب بن حلفى وهذا كان له أخ أسمه يهوذا الملقب أيضاً لباوس وتداوس. إذن كان من بين تلاميذ الرب اثنان هما يعقوب بن حلفى ويهوذا اخوه (أع 1: 13)، و(لو 6: 16) فمن هو حلفى هذا وما هى قرابته ليسوع؟؟!
2. فى اكثر من موضع يشار الى وجود 3 مريمات: العذراء والمجدلية ومريم أم يعقوب ويوسى (مت 56:27), و(مر40:15)، و(لو10:24)، وفى (يو19: 25) ذكر الثلاثة بالتفصيل: أمه والمجدلية ومريم أخت أمه إذن مريم أخت أمه هى زوجة كلوبا وهى أم يعقوب ويوسى وسمعان ويهوذا وبالتالى فهؤلاء اخوته هم أولاد خالته وأيضاً يقال فى بعض المصادر ان كلوبا كان أخو يوسف إذن كانوا أيضاً أولاد عمه وكلوبا كان أحد التلميذين اللذين ظهر لهما المسيح فى يوم القيامة.
ولقد كان القريب عند اليهود يعتبر أخاً كما يلاحظ فى الآيات التالية:
* قول إبراهيم لأبن أخيه لوط " لا تكن مخاصمة بينى وبينك... لأننا أخوان " (تك 13: 8).
* اخبر يعقوب راحيل عندما قابلها بأنه " أخو أبيها وانه ابن رفقة (تك 29: 12)
* قول لابان ليعقوب " ألأنك أخى تخدمنى مجانا" (تك 29: 15)
بعض الملحوظات المنطقية:
¶ من غير المعقول ان يكون للعذراء كل هذا العدد من الأولاد ويعهد بها المسيح ليوحنا بعد صلبه.
¶ فى رحلة العائلة المقدسة الى مصر والرجوع منها ورحلتهم الى أورشليم والمسيح عنده 12 سنة لم يرد ذكر لهؤلاء الأولاد.
¶ ليس صحيحا ما يقال انهم أولاد يوسف من زواج ترمل بعده فالكتاب يذكر ان أمهم كانت حاضرة صلب المسيح

بتوليه العذراء دامت حتى بعد ولادة المسيح كما تنبأ حزقيال النبى فقال " قال لى الرب هذا الباب يكون مغلقا لا يفتح ولا يدخل منه إنسان لان الرب اله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقا " (حزقيال 44: 2) .
لذلك تستخدم الكنيسة فى صلواتها عبارة " تى بارثينوس إنسيو نيفين " (و معناها العذراء كل حين) للدلالة على هذه العقيدة.
لم يجسر واحد من الملائكة بعد قيامة الرب ان يجلس فى القبر فى الوسط موضع جسد الرب يسوع وإنما جلس ملاك عند الرأس وآخر عند القدمين وهكذا لا يجسر اى إنسان ان يوضع فى بطن العذراء الموضع الذى احتله رب المجد.

ثالثاً: العذراء والأريوسية: مجمع نيقية سنة 325
أريوس ابتدع ان الابن مخلوق وانه غير مساو للآب ولذا عندما أنكر لاهوت المسيح أنكر أيضاً أمومة العذراء مريم لله (الثيؤطوكوس) قاومه البابا الكسندروس والقديس اثناسيوس الرسولى.

رابعاً: العذراء والنسطورية: مجمع افسس سنة 431
ميز نسطور بين الإنسان يسوع المولود من مريم وابن الله الساكن فيه فى رأيه كان يوجد شخصان فى المسيح: ابن مريم وابن الله اتحدا معا اتحادا معنوياً لا اقنومياً
واستنتج من ذلك ان السيدة العذراء هى أم للطبيعة الناسوتية وهى ليست والدة الإله وإنما كانت مستودع لله وإنها ولدت المسيح... وبناءً على هذا الاعتقاد أنحرف أريوس إلى فصل طبيعة السيد المسيح اللاهوتية عن طبيعته الناسوتية وجعل للمسيح طبيعتين (بدعة الطبيعتين والمشيئتين)
وقد وضع البابا كيرلس الأول عامود الدين حرمانا لكل من قال ان العذراء ليست هى والدة الإله وان عمانوئيل هو الله حقا يكون محروما، وقد تم وضع مقدمة قانون الأيمان فى هذا المجمع.

خامساً: عقيدة الثيؤطوكوس- والدة الإله- فى الكنيسة الأرثوذكسية:
أول من اعترض على هذه التسمية هو نسطور بطريرك القسطنطينية الذي كان يظن ان المسيح طبيعتان وشخصان اله وإنسان وحيث ان العذراء مريم بوصفها إنسانة ولدت الطبيعة الإنسانية فهي تدعى أم يسوع وليست أم الله أو والدة الإله وقد تصدى له البابا كيرلس الأول الكبير الملقب بعمود الدين البابا 24 مؤكدا أن تلقيب القديسة مريم بوالدة الإله ضرورة لاهوتية تحتمها حقيقة التجسد الإلهي فالتجسد في الإيمان الارثوذوكسى هو اتحاد كامل بين الطبيعيتين فالمولود من العذراء هو ابن الله المتجسد وليس مجرد إنسان
وشرح هذا المثل: كما ان الروح والجسد ينشأن كلاهما داخل المرأة مع أن الروح لا يمكن ان تكون وليدة المرأة هكذا الكلمة المتجسد نما ناسوته داخل العذراء ومع ذلك فجسده لم يكن مجرد جسد إنسانى ولكنه جسد متحد بالكلمة ولو أن هذا الجسد لم يكن سوى أداة لكان شبيها بأجساد موسى وغيره من الأنبياء إنما كان اتحاد كامل بين طبيعيتين بلا امتزاج ولا اختلاط ولا تغيير.
ولا نقول بالطبع ان الله الكلمة اخذ بدايته من جسد العذراء حاشا لانه موجود منذ الأزل فالكتاب المقدس يقول " فى البدء كان الكلمة.... فاقنوم الابن له ميلاد أزلي مع الآب وميلاد آخر زمنى من أحشاء العذراء مريم.
" ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولود من امرأة مولودا تحت الناموس " (غل 4: 4 ).

الأنبا أغريغوريوس ينتقد الأنبا شنودة


احقا بالحق تتكلمون >>(مزمور 57-1)
صاحب القداسة والغبطة البابا المعظم
الأنبا شنودة الثالث


سلام ـ
اهنئكم ايها العظيم فى البطاركة على دفاعك الحار جدا عن عدم اباحة الزواج بأخت الزوجة بعد وفاة اختها حتى لو كانت وفاتها بعلة طبيعية غير غرامية.

ولهذا كرستم ثلاث مقالات حول موانع الزواج . وواضح أن موضوع الزواج بأخت الزوجة قد شغلكم , وشغلتم به القراء فى جريدة عامة بما يشعر أنكم غالبا لهذا الأمر كتبتم عن القوانين الكنسية , فأنكم بحرارة شديدة فندتم كل الحجج المضادة و واجبتم على جميع الأسئلة التى يمكن أن تخطر بالبال , بذكاء شديد. وليس هذا جديدا عليكم عندما تنفعلون للدفاع عن مسألة تهمكم

واعترف لكم بأن هذا الأمر قد صار مكشوفا وواضحا لكثيرين ممن قرأوا مقالاتكم فى الموضوع , فقد فهموا تماما بواعثكم وحرارتكم الروحية , وكانكم تكتبكون عن قضايا ديانتنا العظمى.

وعلى الرغم من انكم - فى اعتقادكم - قد أجبتم على كل سؤال فى الموضوع , فقد افسحتم المجال لكل من يسأل , ففرح الأغبياء من امثالى . ولذلك أضع تحت قدميكم استفسارا صغيرا احمق لعلكم تجيبون عليه فى وقت ما .

وسؤالى هو , اذا كان الزواج بأخت الزوجة او بأخى الزوج بعد وفاة الزوجة أو الزوج , يعد (نجاسة) كما اصررتم عليه بابرادكم مرارا النص القائل "وإذا اخذ الرجل امرأة أخيه فذلك نجاسة" (اللاويين 20 : 21) , وقد رددتموه بقسوة شديدة مؤلمة جدا لضمائر الذين نفذوا امر الكتاب المقدس - نقول إذا كان على قولكم إن هذا الزواج (نجاسة) , فلماذا قال الكتاب المقدس " لا تصر امرأة الميت إلى خارج , لرجل اجنبى و بل اخو زوجها يدخل عليها ويتخذها زوجة له , ويقوم لها بواجب أخى الزوج: (التثنية 25 ك 5 ) ؟سيقول صاحب القداسة : إنه يتزوجها ليقيم نسلا لأخيه
حسنا , وسؤالنا : كيف يمكن أن إقامة النسل تبيح فعل النجاسة ؟

ثم لنفرض ان الرجل تزوج بالمرأة , ولم يُنسل مها , هل يظل الزواج قائما شرعيا أم يظل يعتبر عند قداسة البابا نجاسة ؟

وإذا كان هذا الزواج (نجاسة) أفهل يرى قداسة البابا أو يفتى بوجوب الطلاق لأن الزواج لم لم ينجب نسلا ؟وهل تكون إقامة الرجل والمرأة فى حالة (نجاسة) ؟

لقد قالت الشريعة أن البكر الذى تلده المرأة زوجة الأخ المتوفى - يقوم بأسم الميت لثلا يمحى اسمه من إسرائيل
حسنا وماهو قول صاحب القداسة فى الأبن الثانى - إذا كان هناك ثان - افهل يكون هذا الأبن الثانى ابنا شرعيا ثمرة لزواج طاهر مباح ام هو ثمرة لفعل النجاسة؟وفى هذه الحالة ألا تكون المرأة قد ولدت بولد أو اولاد , سفاحا ؟
ماهذا يا صاحب القداسة البابا البطريرك !ماهذا التعليم , تعليمكم ؟هل انتم حقا تعلم تعليم الكتاب المقدس ؟

***

والآن لقد استوقفنى فى مقالك الأخير (بوطنى) ( الأحد 23/8/1987 ) قولكم بالحروف السوداء الثقيلة البارزة - وذلك لفتا للأنظار , ولبيان الأهمية الكبيرة لما تقوله :" وفى اواخر القرن 19 نشر تحريمها فى مؤلف عن الأحوال الشخصية للقمص فيلوثاؤس إبراهيم أستاذ أستاذنا حبيب جرجس "ورأيتكم بعد ذلك تمدحون الرجل مدحا خاصا بعبارات مضيئة "وكان هذا الرجل لاهوتيا كبيرا , وأول معلم للاهوت فى الإكليريكية فى عصرها الحديث ... "ولأول مرة - على قدر علمى - أراكم تعترفون بأن لكم أستاذا هو حبيب جرجس - ولا بأس - بهذا الأعتراف فهو يشرفكم عندما يكون هذا الأعتراف نافعا لكم ويفيدكم فى البرهنة على صحة وجهة نظركم - ولو اننى اعلم يقينا - وأنتم تعلم أيضا - أن حبيب جرجس لم يكن أستاذا لكم

ومهما يكن من أمر , فلو انكم قرأتم ما قاله " أستاذ أستاذنا حبيب جرجس - العالم اللاهوتى الكبير , وأول معلم للاهوت للاكليريكية فى عصرها الحديث , فى صفحة 139 من نفس الكتاب الذى أشرتم إليه - لندمتم على ما قلتموه فى مدح الرجل الذى يخالفكم الرأى على طول الخط ؟هل قراتم يا صاحب القداسة ما قاله الرجل فى صفحة 139 سطر 7 : ؟" وماعدا ذلك فكله مباح , وإن تكن الكنيسة القبطية قد اتبعت الروم فى تحريم بعض ما هو محلل , إلا أنه يمكن إزالة هذا الجمود ... "

وفى صفحة 140 سطر 8 يقول " أستاذ أستاذنا حبيب جرجس .. وكان لاهوتيا كبيرا واول معلم للاهوت فى الاكليريكية فى عصرها الحديث" :"فهذه هى الشريعة التى قضت على زواج امراة الأخ أو اخت المرأة و وكل من أوامر ملوك الروم .ونحن قد وقفنا جمودا امام هذا التحريم , وزدنا فى القيود , ولم يمكننا التغلب على هذه الأوامر للرجوع إلى الشريعة الخاصة بالزواج التى قد سنها موسى , وهى مذكورة فى التوراة و ولم تسن بعدها شريعة تحلل أو تحرم خلاف أحكام الملوك".

ولنا تساؤل بعد كل هذا
1- لماذا يا صاحب القداسة أشدتم بالقمص فليوثاؤس إبراهيم ووصفتموه بأنه " أستاذ أستاذنا حبيب جرجس .. وكان لاهوتيا كبيرا واول معلم للاهوت فى الاكليريكية ...." ثم لم تذكر يا صاحب القداسة - كما تقتضى الأمانة العلمية فضلا عن الأمانة الروحية - مايقوله الرجل صراحة عن تحريمكم ويصفه بأنه جمود , وانسياق وراء الروم وملوك الروم ؟

أحسب أن ضيق وقتكم لم يسمح لكم أن تقرأوا الفصل إلى كماله .. أليس من المحزن حقا ان يدرس طلبة قسم القانون الكنسى بمعهد الدراسات القبطية , قضية كتابية روحية قانونية , دراسة مبتورة , مدفوعة بنوازع أقل ما يقال فيها أنها نوازع غير علمية , وغير موضوعية ؟!

وسؤال أخر يا صاحب القداسة ؟
ماهى مصلحتى انا غريغوريوس فى هذه القضية التى نالت من اهتمام بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية فى كل إفريقيا والمهجر , كل هذا الأهتمام حتى انه يتجاهل نصوص الكتاب المقدس, ويخفيها ويقدمها مبتورة ناقصة كما انه يخفى النص الكامل للقمص فليوثاؤس إبراهيم مع انه يصفه بانه " أستاذ أستاذنا حبيب جرجس ..." وينسب إليه رايا مبتسرا ناقصا مما يسئ إلى الرجل ويضع فى فمه كلاما لم يقله , وإنما قال ماهو ضده وماهو عكسه تماما ؟!

ياصاحب القداسة ,ماهى مصلحتكم فى كل هذا ؟هل هى حقا غيرتكم على التعليم الأرثوذكسى ؟

هل تعلم يا صاحب القداسة أن الكاثوليك يبيحون الزواج باخت الزوجة وباخ الزوج (بعد الوفاة)وهذا ما اشار إلبه القمص فليوثاؤس إبراهيم ( أستاذ أستاذنا حبيب جرجس ) فقال فى صفحة 139 سطر 8 :"وإن الكاثوليك قد فسحوا فى هذه الزيجات التى اعتبرناها تبعا للروم محرمة. وقد وجدنا فى "اللاهوت الأدبى لليكورى 2 : 27,71 .يمكن للواحد ان يتزوج نسيبة أخية فى الدرجة الأولى ايضا ... "

ولعلكم تعلم أن البروتستانت يبيحون الزواج بأخت الزوجة أو أخ الزوج بعد الوفاة - واظنكم تذكرون ان رئيس الطوائف الإنجيلية قال لكم بوضوح وكان ذلك فى دير الأنبا بيشوى وبحضور اخريين من رجال الدين القانونيين - وكنت انا حاضرا فى هذا اللقاء صدفة , - قال إنهم يبيحون هذا الزواج , لأنه مبدا كتابى مقرر

فلماذا يا صاحب القداسة تتحمل مسئولية إبداء هذا الرأى الخاص بكم - متحديا به المسيحيين جميعا و أرثوذكس , وكاثوليك و وبروتستانت , وتنشره فى صحيفة عامة يقرأها المسيحيون وغير المسيحيين وتفرضه فرضا على طلبة قسم القانون الكنسى بمعهد الدراسات القبطية , وتفرضه على جميع ابناء الكنيسة كما لو كان هذا الرأى مجمع عليه , أنه الحق الإلهى ؟!

لمصلحة من هذا التصرف ؟
هل أنتم سعيد بما أحدثته مقالاتكم من مرارة فى نفوس الذين تزوجوا باخت الزوجة بعد وفاتها او بأخ الزوج بعد وفاته ؟
يصعب على فى هذا الخطاب أن اذكر لكم المآسى المفروض انكم كبطريرك تجد لهل حلا بدلا من هذه القسوة غير المنتظرة وغير المتوقعة من البابا البطريرك ؟ وتعتقد بعد هذا انكم تحكمون الحكم الصائب , وأما من يرى غير رايكم فقد افتى بما هو ضد الحق و وضد الضمير ؟!

إننى اكتفى بهذا القدر .وأعترف لكم أننى كتبت لكم هذا الخطاب متغصبا فإننى أعلم أنكم مصرون على رأيكم وموقفكم , ولقد فقد بالنسبة لكم كل أمل وكل (رجاء) فى تعديل تصرفاتكم التى جرتكم وتجر الكنيسة كلها معكم , ومن خلفكم وشعاركم دائما " من ليس معى فهو ضدى "

وإنى أصرخ بأعلى صوتى , أمام الرب الإله أننى لست معكم - ومع ذلك فلست ضدكم .
إننى أطلب ساجدا أمام الرب " يارب ارحم! يارب ارحم! يارب ارحم!


أغريغوريوس

هل يسوع هو إله الشمس (جـ3) - (فيديو)

هل يسوع هو إله الشمس (جـ3)
Was Jesus a Sun-God؟؟؟
الفيلم غير مترجم ولغته الإنجليزية

هل يسوع هو إله الشمس (جـ2) - (فيديو)

هل يسوع هو إله الشمس (جـ2)
Was Jesus a Sun-God؟؟؟
الفيلم غير مترجم ولغته الإنجليزية


هل يسوع هو إله الشمس (جـ1) - (فيديو)

هل يسوع هو إله الشمس (جـ1)
Was Jesus a Sun-God؟؟؟
الفيلم غير مترجم ولغته الإنجليزية

معركة بالمقشات فى كنيسة المهد

مشادة بين كهنة في كنيسة المهد في بيت لحم تسفر عن جرح سبعة
الشرطة تحاول السيطرة على الكهنة

بيت لحم (الضفة الغربية) (ا ف ب)

اصيب خمسة كهنة وشرطيان بجروح الخميس في مشادة اندلعت في كنيسة المهد في بيت لحم بين كهنة ارمن وآخرين ارثوذكس جراء خلاف "على الصلاحية" المتعلقة بتنظيف المكان.

ووضع الكهنة الارثوذكس سلالم لتنظيف الجدران والسقوف في الكنيسة المقدسة وهي مسؤوليتهم بعد الميلاد فتعدوا بذلك على القسم الذي يديره الارمن في الكنيسة مما اثار حفيظة هؤلاء على ما افاد شاهد على المشادة

وطوال اكثر من نصف ساعة علت اصوات حوالى 50 رجل دين بملابسهم السوداء واشتبكوا بالمكانس والعصي الحديدية واثاروا فوضى عارمة في المكان قبل ان تتدخل الشرطة الفلسطينية لتفريقهم.

ونقل الجرحى السبعة الى مستشفى بلدة بيت جالا القريبة.

وقال رئيس بلدية بيت لحم فيكتور البطارسة لوكالة فرانس برس "الارثوذكس ارادوا تنظيف الجزء الارمني ما اثار العراك" بعد ان عرض وساطته لتهدئة الخواطر.

واضاف "الان انتهى الامر" موضحا "كالعادة يثير تنظيف الكنيسة بعد الميلاد المشاكل. ولكن منذ عامين على رئاستي للبلدية كان كل شيء على ما يرام".

وعلى غرار كنيسة القيامة في القدس القديمة تخضع كنيسة المهد في بيت لحم المدينة التي شهدت ولادة السيد المسيح الى توزيع صارم لمسؤوليات الكنائس الارثوذكسية والكاثوليكية والارمنية. وتوزع المسؤولية على انحاء الكنيسة كحال اوقات الصلاة.

وكنيسة المهد هي الاقدم في الاراضي المقدسة.


29‏/12‏/2007

أكلة لحوم الآلهه (الأفخارستيا) - فيديو



من الكاتدرائية المرقصية الأرثوذكسية بالعباسية

قداس عيد العنصرة

وسيامة القمص/كيرلس أفا مينا

رئيس دير الشهيد مامينا العجايبى بصحراء مريوط

الأحد 15 يونيه 2003م

شكر خاص للأخ التاعب وموقع الدعوة الإسلامية

28‏/12‏/2007

قصة الأسفار المحذوفة من الكتاب المقدس

هل من المعقول ما يدعيه الكاثوليك والأرثوذكس بأن البروتستانت قد قاموا بحذف الكتب (الأسفار) التالية من الطبعات البروتستانتية للكتاب المقدس: طوبيا، يهوديت، تتمّة أستير، الحكمة (حكمة سليمان)، حكمة يشوع ابن سيراخ، باروخ، تتمّة سفر دانيال، المكابيين الأول والثاني؟

تدعى هذه الأسفار في جملتها بالـ(( أبوكريفا ))، وقد قام ثلاثة وخمسون أسقفا للكنيسة الكاثوليكية باعتمادها وضمها إلى مجموعة الأسفار المقدسة للعهد القديم وإعطائها نفس المنزلة، وذلك في مجمع ترنت، وفي الجلسة التي انعقدت في 8 أبريل/نيسان سنة 1546 ميلاديا. علما بأن هذه الكتب (الأبوكريفا) لم تكن جزءا من الكتب المقدسة العبرية في عهد السيد المسيح. فاليهود الذين ائتمنهم الله على كتبه المقدسة }(( إِذًا مَا هُوَ فَضْلُ الْيَهُودِيِّ، أَوْ مَا هُوَ نَفْعُ الْخِتَانِ؟ كَثِيرُ عَلِى كُلِّ وَجْهٍ! أَمَّا أَوَّلاً فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ )) (رومية 3: 1، 2) { لم يدرجوا الأبوكريفا ضمن أسفار العهد القديم المقدسة. لقد تم كتابة هذه الأسفار في الـ 200 سنة التي سبقت ولادة السيد المسيح، وهذه الفترة التي تقع ضمن فترة ما بين العهدين (القديم والجديد) والتي امتدت قرابة 400 سنة، انعدمت فيها موهبة النبوة بين اليهود. أي أن الله لم يمنح موهبة النبوة، خلال هذه الفترة، لأحد ما. وقد كانت الموهبة الروحية هي الشرط الأساسي الواجب توافره حتى يُؤهَّل صاحبها للكتابة والتنبؤ، وعندها كانت تُقبَل كتاباته على أنها جزء من الوحي الإلهي. ولهذا السبب استبعد رجال الدين اليهود هذه الأسفار من كتبهم المقدسة. فليس غريبا، إذاً، أن لا نجد أي إشارة، مباشرة أو غير مباشرة، في أسفار العهد الجديد مقتبسة من (( الابوكريفا )). ففي الوقت الذي نجد فيه أن أسفار العهد الجديد تحوي 263 اقتباساً مباشراً من أسفار العهد القديم المقدسة وأكثر من 350 إشارة إلى العهد القديم، لا نجد فيها اقتباسا واحدا ليسوع أو رسله من أسفار (( الابوكريفا )). وفي ضوء هذه الحقائق علينا أن نسأل أنفسنا هذا السؤال الهام: إذا كان الله يريدنا أن نعتبر أسفار (( الابوكريفا )) مساوية للأسفار المقدسة، فلماذا لم تكن هذه الأسفار جزءا من الكتب المقدسة في عهد المسيح؟

هذا وقد كان كبار اللاهوتيين وآباء الكنيسة المسيحية، على مر العصور، من القديس جيروم وحتى حركة الإصلاح في القرن السادس عشر، يفرّقون ويميّزون ما بين أسفار (( الابوكريفا )) وأسفار الكتاب المقدس الأخرى. وكانوا يعلمون الناس أن قراءة أسفار (( الابوكريفا )) قد تكون مفيدة لما تشمله من تعاليم صالحة للقراءة وأحداث تاريخية تلقي الضوء على الفترة التي كتبت فيها، ولكنها - أي الابوكريفا - لا يمكن الاعتداد بها مثل أسفار الكتاب المقدس الأخرى، لافتقادها صفة الوحي الإلهي.

وهنا قد يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: لماذا – إذاً – قامت كنيسة روما الكاثوليكية باعتماد أسفار (( الابوكريفا )) وإعطائها نفس منزلة أسفار الكتاب المقدسة الأخرى في سنة 1543 ميلادياً؟ نجيب فنقول: إن حركة البروتستانت الإصلاحية بدأت في سنة 1517 ميلادياً، عندما علّق لوثر على باب كنيسة القلعة في وتنبرج بألمانيا عريضته الشهيرة، التي كتب فيها 95 برهانا ضد صكوك الغفران. وبعدها بدأ لوثر بمهاجمة تعاليم الكنيسة الأخرى فيما يتعلق بالمطهر، واليمبوس*، والصلاة من أجل الموتى، وتخفيف عذاب الموتى. وقد وجدت كنيسة روما الكاثوليكية أن عليها الرد على حملات لوثر القوية والدفاع عن نفسها في ظل الهجوم المتزايد لحركة الإصلاح البروتستانتي. ومع ذلك فكنيسة روما لم تستطع أن تدافع عن تعاليمها باللجوء إلى أسفار الكتاب المقدس، لذا فقد كانت مضطرة إلى إيجاد سند لعقائدها في أسفار أخرى غير أسفار الكتاب المقدسة. ومن هنا جاءت فكرة ضم أسفار (( الابوكريفا )) رسميا إلى أسفار العهد القديم المقدسة، وإعطائها نفس المنزلة. لأن في كتابات أسفار (( الابوكريفا ))، وجدت كنيسة روما سندا للتعاليم التي كان يهاجمها المصلحون البروتستانت. ومن هنا جاء التوقيت الزمني لاعتراف كنيسة روما الكاثوليكية بأسفار (( الابوكريفا )) ، كرد فعل مباشر لحركة الإصلاح البروتستانتي.

وكنتيجة لوجود تعاليم خاطئة ومخالفة كلية لأسفار الكتاب المقدسة، فقد قررت جمعيات الكتاب المقدس البروتستانتية، في مطلع القرن التاسع عشر، عدم إدراج أسفار (( الابوكريفا )) ضمن أسفار العهد القديم وعدم الترويج لها، والاكتفاء بطباعة الأسفار المقدسة.

وقبل أن أنهي الإجابة على هذا السؤال أود أن أسرد بعض التعاليم الخاطئة التي ذكرت في أسفار (( الابوكريفا )):
(1) تعلم بعض الأسفار أهمية الصلاة وجمع التقدمات من أجل الموتى (المكابيين الثاني 12: 41 – 45).
(2) هناك ميل في أسفار (( الابوكريفا )) لتعظيم وتكبير دور الأعمال الظاهرية في حياة الإنسان. فالصدقات – على سبيل المثال – تمحو الخطايا وتنجي من الموت (طوبيا 12: 9 ). كما أن إكرام الأهل يكفر عن الخطايا (ابن سيراخ 3 : 4).
(3) يروّج ســفر (( الحكمــة )) بالأبوكـريفا الفكــر الأفــلاطوني بأن النفس خالــدة والجســد ما هو إلا ثقل تتحرر منه النفــس عند الموت (الحكمة 9: 15). وهذه فكرة غريبة على أسفار الكتاب المقدسة. كما استعار كاتب سفر (( الحكمة )) من أفلاطون عقيدة الوجود القبلي أو الْمسُبَق* للنفس أو الروح (الحكمة 8: 19، 20).

بالإضافة إلى التعاليم الخاطئة المذكورة أعلاه، فقد وردت بعض الأخطاء الأخرى التي تثبت انعدام صفة الوحي الإلهي عن هذه الأسفار. فنجد، على سبيل المثال، في سفر يهوديت، الإصحاح الأول والعدد الخامس، بأن نبوخذنصر كان ملكا لأشور. بينما يحدد لنا الكتاب المقدس – وكذلك التاريخ – بأنه كان ملكا لبابل وليس لأشور. ويذكر لنا سفر طوبيا، كيف أن ملاكا من السماء كذب عليه وأخبره بأنه من نسل حننيا العظيم (طوبيا 5 : 17–19). وهذا أمر غير وارد على الإطلاق أن تقوم ملائكة السماء بالكذب.

ويظهر الله، في سفر يهوديت، وكأنه راضٍ عن استخدام طرق الخداع والمكر عند مواجهة الأعداء (يهوديت 9: 10، 13). هذا أيضا أمر غير وارد بالنسبة إلى إلهنا أن يبيح هذا النهج، حتى ولو كان مع الأعداء.

وأخيرا وليس آخرا، يتبين لنا – بعيدا عن أي شك – انعدام صفة الوحي الإلهي لهذه الأسفار (( الابوكريفا )) من الخرافات المذكورة بها. فنجد في سفر طوبيا قصة طوبيا والملاك رافائيل، كيف أنه في يوم من الأيام كاد حوتُُ أن يفترسه، ولكنه تمكن من الحوت بعد أن اتبع إرشادات الملاك رافائيل في كيفية القضاء على الحوت. ثم كيف بعد ذلك أمره الملاك بأن يشق جوف الحوت ويحتفظ بقلبه ومرارته وكبده، لأنه توجد منافع علاجية لهذه الأعضاء. (( فأجابه الملاك: إذا ألقيت شيئا من قلبه على الجمر فدخانه يطرد كل جنس من الشياطين في رجل كان أو امرأة بحيث لا يعود يقربهما أبدا. والمرارة تنفع لمسح العيون التي عليها غشاء فتبرأ )) (طوبيا 6: 8، 9). أما بالنسبة إلى الكبد فأخبره الملاك أنه (( إذا أحرقت كبد الحوت ينهزم الشيطان )) (طوبيا 6: 19). فاستطاع بعد ذلك طوبيا أن يشفي أباه الذي أصيب بالعمى من جراء سقوط ذرق (سبلة) من عش عصفور على عينيه وهو نائم (طوبيا 2 : 11) بواسطة مرارة الحوت. (( فأخذ طوبيا من مرارة الحوت وطلى عيني أبيه، ومكث مقدار نصف ساعة فبدأ يخرج من عينيه غشاوة كفرقئ البيض فأمسكها طوبيا وسحبها من عينيه وللوقت عاد إلى طوبيا بصره )) (طوبيا 11: 13 – 15 ). ويحكي سفر طوبيا عن سارة ابنة رعوئيل، التي تزوجها طوبيا الابن فيما بعد، و(( كان قد عقد لها على سبعة رجال وكان شيطان اسمه أزموداوس يقتلهم على أثر دخولهم عليها في الحال )) (طوبيا 3: 7، 8). التقى طوبيا الابن، بسارة في يوم من الأيام، واستطاع أن يخرج الشيطان ازموداوس منها، وذلك عندما ألقى بقطعة (( من كبد الحوت على الحجر المشتعل )) فخرج منها الشيطان حالا (طوبيا 8: 1).

هذه الخرافات والتعاليم الخاطئة التي نجدها في أسفار (( الابوكريفا )) ما هي إلاّ أدلة واضحة تبين لنا لماذا رفضها اليهود في وقت السيد المسيح ولم يدرجوها بين أسفار الكتاب المقدسة.